×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وبالأَسْهلِ ابْدَأْ ثُمَّ زِدْ قَدْرَ حاجةٍ *** فإِنْ لمْ يَزَلْ بالنَّافِذ الأَمْرِ فاصْدَدِ

*****

عَهْدُهم، أَمَّا إِذا أَخْفُوهُ فإِنَّه لا يُنكَر عليهم؛ لأَنَّهم عاهدوا على ذلك.

نحن لا ندخل عليهم في مساكنِهم، ولا في كنائِسِهم، لا ندخل عليهم، ولكن لو سمعنا صوتَ مُنكَرٍ أَنْكَرْنا عليهم، فنَمْنَعَهُمْ مِنْ إِظْهارِ النَّاقوس، وإِظْهارِ البُوقِ في عباداتهم.

هذا رُجوعٌ إِلى القاعدة في الأَمْر بالمعروف والنَّهْيِ عن المُنكَر؛ لأَنَّه لا زال البابُ، بابُ الأَمْر بالمعروف والنَّهْيِ عن المُنكَر، قال: يُبدأُ بالأَسْهل فالأَسْهلُ، ثُمَّ يترقى إِلى ما فوقه إِلى أَنْ يصِلَ إِلى الإِزالة باليَدِ، كما قال تعالى: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ[النحل: 125]، وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ» ([1]) هذا بدأَ بالأَشدِّ «فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ» هذه أَسْهلُ، «فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ» هذا أَسْهلُ. فالآمِرُ يتبعُ الأَسْهلَ عليه، ويتبعُ كذلك الأَسْهلَ على المأْمور، الذي يأْمُرُ بالمعروف ويَنْهى عن المُنكَر يَأْخُذُ بالأَسْهل عليه وعلى المأْمور.

«ثُمَّ زِدْ» على الأَسْهل «قَدْرَ حاجةٍ» ولا تَزِدْ وتشتدَّ اشْتِدادًا ينفِّر العُصاة ويزيدهم شرًّا بل عليك بعِلاجِهم؛ لأَنَّك أَنْتَ تُعالج، مثلُ الطَّبِيب الذي يُعالج المريضَ، تُعالج هذا الأَمْرَ فلا تَزِدْه شِدَّةً بإِنْكارِك، فإِذا تجاوز الإِنْكارُ حدَّه، صار مُنكَرًا، فقد يكون إِنْكارُ المُنكَر مُنكرًا، إِذا تجاوز حدَّه الذي رسَمه اللهُ سبحانه وتعالى.


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (49).