وإِنْ
جهَر الذِّمِّيُّ بالمُنكَراتِ فِي *** الشَّريعةِ يُزْجَرُ دون
مَخْفٍ بمَرْكَدِ
*****
تعدَّى إِلى نفسٍ
أُخْرى، فيضمنها المُؤَدِّبُ، أَمَّا لو ماتتْ هي مِن جرَّاءِ التَّأْديب المأذون
به شرعًا فليس على المُؤَدِّب شيءٌ.
وكذلك المَرْأَةُ لو
تناولتْ دواءً، فترتَّب على ذلك سقوطُ حَمْلِها فإِنَّها تضمن؛ لأَنَّها متسبِّبةٌ
في إِسْقاطه، فتضمنه.
هذا من أَحْكامِ
أَهْل الذِّمَّة، وأَهْلِ الذِّمَّة همُ الذين تُؤْخَذُ منهم الجِزْيةُ، ويُكفُّ
عن قتالهم وهمُ اليَهُودُ والنَّصارى والمجوسُ، كما في القُرْآنِ الكريمِ ﴿قَٰتِلُواْ ٱلَّذِينَ لَا
يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا
حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ ٱلۡحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ
أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حَتَّىٰ يُعۡطُواْ ٱلۡجِزۡيَةَ عَن يَدٖ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ﴾ [التوبة: 29]، هذا بنصِّ القُرْآنِ أَنَّ اليهوديَّ أَوِ
النَّصْرانيَّ إِذا بذَل الجِزْيَةَ أَنَّه يُكفُّ عنه، ويكون له ما للمسلمين
وعليه ما على المسلمين من الحقوق، ولا يُعتدى عليه، ويُقَرُّ على دِينه ولا
يُجبَرُ على الدُّخول في الإِسْلام لقوله تعالى: ﴿لَآ إِكۡرَاهَ فِي ٱلدِّينِۖ﴾ [البقرة: 256]، لا
يُكره على الدُّخول في الإِسْلام، وإِنَّما يدخله الإِنْسانُ باختياره. ولا أَحَدَ
يُجبَرُ على أَنْ يُسلِمَ، وإِنَّما هذا موكولٌ إِلى اخْتيار الشَّخْص واقْتناعِه،
فإِذا أَبَوا أَنْ يسلموا وبذلوا الجِزْيةَ، فإِنَّهم يكفُّ عنهم ويُؤمَّنُون
ويزاولون أَعْمالَهم مِن صلواتهم ومِن عباداتهم، وما كانوا يعملونه وهو مُحرَّمٌ
في شريعتنا كشُرْبِ الخَمْرِ وأَكْلِ الخِنْزير ونحوِه، ولكنْ لا يظهرونه، بلْ
يُقرُّون على ذلك فيما بينهم؛ لأَنَّهم يعتقدون حلَّ ذلك، ولكن لا يجهرون به
ويظهرونه في بلاد المسلمين، بلْ يكون بينهم سرًّا، فإِذا خالفوا هذا وأَظْهروه
فإِنَّه يُنكَر عليهم وينتقضُ