وإِنْ كان
ذُو سُلْطان آمِرُه بِهِ *** فوَجْهَيْنِ في تضمينه هكذا طَدِ
ويَضْمَنُ
بالتَّأْدِيْبِ إِسْقاطُ حاملٍ *** ومَنْ مِن دَوَا أَمْرَاضِها أَسْقَطَتْ قَدِ
*****
هذا الشَّيءِ
باخْتياره فإِنَّه «لا يَدِي» يعني لا يدفع دِيَةً في هذا؛ لأَنَّه لم يتسبَّبْ في
قتله. بل الذي تسبَّب هو نفسُ المُكلَّف.
أَمَّا إِذا كان
الآمِرُ للمكلَّف السُّلْطانَ، كأَنْ يقولَ له: اصْعَدْ أو انزِلْ، فصعِد ومات،
فهذا فيه قولان في المذهب:
أَحدُهما: أَنَّه لا ضمانَ
أيضًا على السُّلْطان مثلُ غيره؛ لأَنَّ هذا أَقْدمَ باخْتياره، وكان له أَنْ
يمتنعَ من أَمْرِ السُّلْطان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ طَاعَةَ
لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» ([1]) وتعريضُ النَّفْس
للخطر معصيةٌ، فإِذا تلِف فإِنَّ السُّلْطانَ لا يضمنه، هذا القولُ الأَوَّلُ.
القولُ الثَّاني:
أَنَّ السُّلْطانَ يضمن؛ لأَنَّ المأْمورَ خضَع لأَمْر السُّلْطان والسُّلْطانُ له
طاعةٌ وله هيبةٌ وهو خضَع لأَمْره، فكان السُّلْطانُ إذًا متسبِّبًا في وفاته
فيضمنه السُّلْطانُ بالدِّيَة والكفَّارةِ.
وقوله: «فوجهين»
يعني في المذهب، والوَجْهُ: هو ما كان من قول الأَصْحاب، أَمَّا النَّصُّ: فهو ما
كان مِنْ قول الإِمَامِ، إِذا قيل: وَجْهٌ، فهذا مِنْ قول الأَصْحاب مُخرَّجًا على
قواعد المذهب.
إِذا أَدَّبَ امْرَأَةً حاملاً، وسبق لنا أَنَّ للزَّوج أَنْ يُؤَدِّبَ زوجتَه، والسُّلْطانُ له أَنْ يُؤَدِّبَ رعيَّتَه، فإِذا أَدَّبَ الحاملَ زَوْجُها أَوِ السُّلْطانُ فأَسْقَطَتْ جنينًا، فإِنَّ المُؤَدِّبَ يضمن؛ لأَنَّ هذا تعدٍّ إِلى غير المُؤَدَّب،
([1]) أخرجه: أحمد رقم (1098)، والطبراني في «الكبير» رقم (381).