×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

لَهُ نفسَه كَيْ يَهْتدي لسِباحَةٍ *** فيَغْرَقْ وَقِيْلَ الاِْبْنُ يُؤْدِي بِمَبْعَدِ

وإِنْ أَمَرَ الإِْنْسَانُ غيرَ مُكلَّفٍ *** لينزلَ بِئْرًا أَوْ يقولُ له اصْعَدِ

إِلى نخلةٍ فاحْكُمْ بتضمين آمِرٍ *** وإِنْ كان ذا عَقْلٍ كبيرًا فلا يَدِي

*****

وقَع في ماءٍ، فإِذا لم يكنْ مُتعلِّمًا السِّباحةَ فإِنَّه يغرَق، ويحتاجُ إِلى معرفةِ الرَّمْيِ وركوبِ دوابِّ الجِهاد إِذاَ احْتِيج إِليه، فهذه أُمورٌ مطلوبةٌ من المُربِّين أَنْ يُرَبُّوا أَوْلادَهم عليها، فإِذا سلَّم ابنَه الصَّغيرَ لمَن يُعلِّمه السِّباحةَ - فغرِق بيَدِ المُعلِّم، فلا ضمانَ؛ لأَنَّ هذا فعلٌ مأْذونٌ به لمصلحة الطِّفْل، وما ترتَّب على المأْذون به شرعًا فإِنَّه لا يُضمن.

كما لو أَنَّ مُكلَّفًا سلَّم نفسَه إِلى السَّابح ليُعلِّمَه فتلِف ذلك الكبيرُ، فلا ضمانَ على مَنْ يُعلِّمه السِّباحةَ؛ لأَنَّه أَقْدمَ على ذلك باخْتياره، وهو مُكلَّفٌ، يعرِف ما يضرُّه وما ينفعه، وهو معنى «كتسليم أَرْشِدِ» يعني مَنْ بلَغ سِنَّ الرُّشْد.

قيل في مسلَّمٍ الطِّفْلَ إِذا غرِق فإِنَّه يُضمن بالدَيَّة؛ لأَنَّ هذا يُعتبَر مِنْ قتْل الخطأ، هذا قولٌ آخَرُ. ولكنَّ عدمَ الضَّمان هو المشهور.

إِذا أَمَر صغيرًا بأَنْ ينزلَ بِئْرًا أَوْ يصعَدَ شجرةً فسقَط ومات فإِنَّ الذي أَمَرَهُ يضمن؛ لأَنَّه عرَّضه للخطر، والصَّغيرُ لا يدري عن الخطر فيكون الآمِرُ متسبِّبًا في قتله، ويكون هذا القتلُ مِن قَبِيْل الخطأِ فيُضمنُ بالكفَّارة والدِّيَةِ.

أَمَّا إِذا كان المأْمورُ عاقلاً بالغًا، وأَمَره أَنْ ينزلَ بالبِئْر فنزلَ فسقَط ومات، أَوْ يَصْعَدَ شجرةً أَوْ جِدَارًا فصعِد فسقَط ومات، فإِنَّه لا ضمانَ على الآمِر؛ لأَنَّ المأْمورَ مُكلَّفٌ بالغٌ عاقلٌ يَعْرِفُ وأَقْدمَ على 


الشرح