النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الواقعين في المعاصي والذين يأْمرون بالمعروف ويَنْهون عن المُنْكَر، بقومٍ اسْتَهَمُوا: أَيِ اقْتَرَعُوا على سفينةٍ، والسَّفينةُ من دَوْرَيْنِ، اقْترعوا على رُكوبِ هذه السَّفينةِ أَيُّهُمْ يكون في أَعْلاها وأَيُّهُمْ يكون في أَسْفلها، فبعضُهم وقَع سهمُه على الطَّبقة العُلْيا، وبعضُهم وقَع على الطَّبقة السُّفْلى والذين وقعوا في الطَّبقة العُلْيا هم الذين يأْمرون بالمعروف وينهون عن المُنْكَر، والذين وقعوا في الطَّبقة السُّفْلى هم الذين يَقَعُون في المعاصي، شبَّههم برُكَّابِ السَّفينة، وكان الذين في الدَّور الأَسْفل إِذَا احْتاجوا إِلى الماءِ، يصعدون إِلى الدَّورِ الأَعْلى ويأْخُذُون الماءَ لحاجتهم، فقالوا: لو خَرَقْنا في نصيبنا خرقًا نأْخُذُ الماءَ منه ولا نُؤْذي مَنْ فَوْقَنا، فلو ترَكهم أَهْلُ الدَّورِ الأَعْلى يخرقون السَّفينةَ لهَلَكَ الجميعُ؛ لأَنَّه إِذَا دخَل الماءُ في السَّفينة غَرِقَتْ بالجميع، وإِذا أَخَذُوا على أَيْدِيهم نجَوا جميعًا ([1])، هذا مثلُ الواقع في حدود الله والقائم عليها، فإِنَّ أَهْلَ الحِسْبةِ وأَهْلَ الخير إِذَا أَخَذوا على أَيْدي السُّفهاءِ نجَوا مِنْ عذاب الله جميعًا، كما ينجو أَهْلُ السَّفينة، وإِذا ترَكوهم يخرقون سفينةَ المُجْتمع هلكوا جميعًا، فإِذا تُرك السُّفهاءُ يعبثون ويفسدون هلَك المجتمعُ كلُّه الصَّالحُ والطَّالحُ، والعقوبةُ إِذا نزلتْ تعُمُّ الصَّالحَ والطَّالحَ، الطَّالحُ؛ لأَنَّه عاصٍ، والصَّالحُ لأَنَّه لم يُنْكرْ، فتَعُّمُهُّم العقوبةُ ﴿وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾ [الأنفال: 25]، فإِذا نزلتِ العقوبةُ عمَّت الصَّالحين،
([1]) إشارة للحديث الذي أخرجه: البخاري رقم (2493).