عِيْسَى عليه السلام بأن
أَلْقى شِبْهَه على هذا الرَّجُلِ فأَخذوه وقتلوه وصلبوه، وقيل: إِنَّ هذا
الرَّجُلَ هو الذي دلَّهم على عِيْسَى فعاقبَه اللهُ، وقيل: بلْ هو مِن
الحواريِّين مِن أَتْباع المَسِيْحِ، ولكنَّه رضِي أَنْ يُلقى الشِّبْهُ عليه
ويُقتل مِن أَجْل أَنْ ينجوَ المَسِيْحُ عليه السلام، فهو فادى بنفسه، على كلِّ
حالٍ سواءً كان مِن الحواريِّين، أَوْ مِن أَعْداءِ المَسِيْحِ فقطعًا أَنَّ
المَسِيْحَ لم يُقتلْ، ولم يُصلبْ، وإِنَّما الذي قُتل وصُلب هو الذي أُلقي عليه
شِبْهُ المَسِيْحِ، ﴿مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا ٱتِّبَاعَ
ٱلظَّنِّۚ﴾ [النساء: 157] قال جل وعلا: ﴿وَقَوۡلِهِمۡ إِنَّا قَتَلۡنَا ٱلۡمَسِيحَ عِيسَى
ٱبۡنَ مَرۡيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ
لَهُمۡۚ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُۚ مَا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٍ إِلَّا
ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينَۢا ١٥٧ بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيۡهِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمٗا﴾ [النساء: 157-158]، رفعَه الله مِن بينهم وهُمْ
لا يشعُرون، فهذا هو الأَصْلُ في الصَّليب، وهذا مِن غباوة النَّصارى؛ لأَنَّه كان
المفروضُ أَنَّهم يكسرون كلَّ صليبٍ في الدُّنْيا، كما قال ابْنُ الْقَيِّمِ؛
لأَنَّ هذا عارٌ عليهم أَنَّ نبيَّهم يُقتل ويُصلب بزعمهم، ثُمَّ يعبُدون هذا
الصَّليبَ ويُعلِّقونه على صدورهم، هذا اعْترافٌ منهم لليَهُودِ أَنَّهم أَدْركوا
مطلوبَهم، وكان الواجبُ عليهم أَنْ يُنكِروا هذا الصَّليبَ وأَنْ يُكسِّروه، والذي
دسَّه عليهم يَهُودِيٌّ تنصَّر وأَظْهَرَ محبَّةَ المَسِيْحِ، وقال لهم: هذا
الصَّليبُ يُذكِّركم بقتل المَسِيْحِ، ويُذكِّركم بنبيِّكم فأَنْصبوه، وتعلَّقوا
به. وهذا من مَكْرِ اليَهُودِ، فاليَهُودُ هُم الذين أَفْسدوا دينَ النَّصارى
وأَدْخلوا فيه الوَثَنيَّات، ومنها هذا الصَّليبُ، فكان الواجبُ أَنْ يُنكِروه
وأَنْ يُكسِّروه؛ لأَنَّه عارٌ عليهم أَنْ يكونَ نبيُّهم