هِجْرانُ
أهْلِ المَعاصِي
*****
الهِجْرَانُ
والهَجْرُ: مَعناهُ التَّرْكُ، قالَ تَعالى: ﴿وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ﴾ [المُدَّثِّر: 5]، الرُّجْز: الأَصْنامُ، وهَجرُها:
تَرْكُها. ومِنهُ: الهِجرَةُ مِن بلادِ الكُفْرِ إلى بلادِ الإسلامِ؛ لأنَّ فِيهَا
تَرْكًا لِبِلادِ الكُفْرِ. فمَنْ تَركَ بلَدَهُ للفِرارِ بدينِهِ، فَهذِه
الهِجرَةُ العظيمةُ التي تُعادِلُ الجِهادَ في سَبيلِ اللهِ عز وجل.
و«هِجْرانُ أهْلِ
المَعاصِي» فِيهِ تَفصِيلٌ؛ لأنَّ أَهْلَ المَعاصِي يَنقسِمُونَ إلى أَقسامٍ:
القِسْمِ الأوَّل: أَصْحابُ مَعاصٍ.
القِسم الثَّاني: أَصْحابُ بِدَعٍ.
القِسْم الثَّالِث: أَصحابُ ضلالٍ في
العقيدةِ.
فَأصْحابُ المَعاصِي - الَّتِي لَيْسَ فيها بِدَعٌ، ولَيْسَ فِيهَا ضَلالٌ ولا فَسادٌ فِي العقيدةِ، وَإِنَّما هيَ مَعاصٍ فِي الشَّهَواتِ فَقط، أو تَرْكِ الواجِباتِ - فَهؤُلاءِ - إِنْ كانَ فِي هَجْرِهم رَدْعٌ لَهُم؛ لِيَتُوبُوا - فإنَّهُم يُهْجَرُونَ، كما هَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الثَّلاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا؛ حَتَّى تابَ اللهُ عَليهِم، وهَجَرَ نِساءَهُ شَهرًا لَمَّا حَصلَ مِنهُنَّ إساءَةٌ إليهِ صلى الله عليه وسلم، وهَجرَتْ عائِشةُ ابنَ أُختِها عَبدَ اللهِ بْنَ الزبَيْرِ لَمَّا أَنكَرَ عَليْهَا كَثْرَةَ الصَّدَقاتِ وَكَثرَةَ الجُودِ فِي سَبيلِ اللهِ، أَنكرَ عليها ذلكَ؛ فَغضِبَتْ عليه، وهَجرَتْهُ. فَهِجْرانُ أهلِ المَعاصِي إِذَا كانَ فِيهِ رَدعٌ فإنَّهُ مَشرُوعٌ، وإنْ كانَ هَجرُهُم لا يَزِيدُهُمْ إلاَّ شَرًّا فإنَّهُم لا يُهجَرُونَ، ولكِنْ يُناصَحُونَ، ويُسْتَمَرُّ فِي نَصِيحَتِهِم.
الصفحة 1 / 626