وَكُنْ
عَالِمًا أَنَّ السَّلاَمَ لَسُنَّةٌ *** وَرَدُّكَ فَرْضٌ لَيْسَ
نَدْبًا بِأَوْطَدِ
*****
لَا تَدۡخُلُواْ بُيُوتًا غَيۡرَ بُيُوتِكُمۡ حَتَّىٰ تَسۡتَأۡنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ
عَلَىٰٓ أَهۡلِهَاۚ﴾ [النور: 27]، فالسَّلامُ أَمْرُهُ عَظِيمٌ، والسَّلامُ
قِيلَ: إنَّ المُرادَ بِه اسْمُ اللهِ السَّلامُ، فإذا قُلْتَ: السَّلامُ
عَليكُمْ. فكأنَّكَ تَقولُ: اسمُ اللهِ عليكَ، تَحلُّ عليكَ بَركاتُهُ وخَيرُهُ،
وقِيلَ: السَّلامُ هو الدُّعاءُ بالسَّلامَةِ، فالسَّلامُ عَليكُم مَعناهُ:
أَدْعُو لَكُم بِالسَّلامَةِ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ.
فَالسَّلامُ يُزِيلُ
الوَحْشَةَ بَينَ المُسلمِينَ، لَوْ لَقِيكَ واحِدٌ، ولَم يُسلِّمْ عَليكَ، مَاذا
يكُونُ مَرْدُودُكَ؟ يَكُونُ عِندكَ وَحْشَةٌ، وتَخافُ مِنهُ، فإذا سَلَّمَ عليكَ
ذَهَبَ ما تُحِسُّ بِه، واستَأْنَسْتَ بِهِ؛ ولهذا قالَ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ
أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ
بَيْنَكُمْ».
قَولُهُ: «لَسُنَّةٌ» اللاَّمُ هَذِهِ لامُ التَّأكِيدِ. وفِي الآيةِ ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَآ﴾ هذا سنة ﴿أَوۡ رُدُّوهَآۗ﴾ [النساء: 86]، هذا واجِبٌ؛ فالواجِبُ أنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَها، والمُستَحْسَنُ أنَّهُ يَزِيدُ عَلَيْها. ولمَّا جاءَ رَجلٌ إِلَى مَجلسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: السَّلامُ عَليكُم. قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَعَلَيْكُمُ السَّلاَمُ عَشْرٌ»، وجاءَ آخَرُ، فقالَ: السَّلاَمُ عَليكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ. فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَعَلَيْكُمُ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ: عِشْرُونَ»، وجاءَ الثَّالِثُ، وقالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرحمَةُ اللهِ وَبركاتُهُ. قالَ: «وعَلَيْكُمُ السَّلامُ ورَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ: ثَلاثُونَ» ثُمَّ سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عنِ العَشْرِ وَالعِشْرينَ والثَّلاثِينَ؟ قالَ: «عَشْرَ حَسناتٍ، وَعِشرينَ حَسَنَةً، وَثلاثِينَ حَسنَةً» ([1]).
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2689)، والطبراني في «الأوسط» رقم (5949).