×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

صِلَةُ الأرْحامِ وَبِرُّ الوَالدَيْنِ والتَّعدِيلُ بَيْنَ الأَوْلادِ

وَكُنْ وَاصِلَ الأَرْحَامِ حَتَّى لِكَاشِحٍ *** تُوَفَّرُ فِي عُمُرٍ وَرِزْقٍ وَتَسْعَدِ

*****

 فِي هذا الفَصل: «بِرُّ الوالدَيْنِ وَصِلَة الأرحامِ والعَدْل بَينَ الأولادِ» هَذِهِ أمورٌ جَاءَتْ بها الشَّريعَةُ. والأرحامُ: جَمعُ رَحِم، وهو كُلُّ مَن تَجمَعُكَ بِهِ قَرابَةٌ مِن جِهَةِ الأبِ أو مِن جِهَةِ الأُمِّ. فهَؤُلاءِ هم ذَوُو الأرْحامِ، أيْ: القَرابَة، واللهُ تَعالَى أمَرَ بِصِلَةِ الأرحامِ، وجَعلَ لَهُم حقًّا ضِمْنَ الحُقوقِ العَشَرةِ، قالَ تَعالَى: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡجَارِ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ[النساء: 36]، ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ [الإسراء: 23]، إِلَى قولِهِ تَعالَى: ﴿وَءَاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ [الإسراء: 26]، وجاءَ فِي الأحاديثِ الكَثيرَةِ الصَّحيحَةِ عَن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الأمْرُ بِصِلَةِ الأرحامِ والوَعِيدُ عَلَى مَنْ يَقْطَعُ رَحِمَهُ، اللهُ جل وعلا يقول: ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ [النساء: 1]، أيْ: واتَّقُوا الأرْحامَ أَنْ تَقطعُوها. قال سُبحانَهُ: ﴿فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ ٢٢ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰٓ أَبۡصَٰرَهُمۡ [محمد: 22- 23].

حتى «لكاشِحٍ» حتَّى الرَّحِم الكاشِح: وهو الَّذِي يُضمِرُ لكَ العَداوَةَ، فإنْ كانَ مِن ذَوِي أَرحامِكَ فلا يَمنَعُ هذا حَقَّهُ عَليْكَ، بل تَصِلُه وَإِنْ قَطعَكَ. وإنْ عَاداكَ؛ لأنَّ رَجُلاً جاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ له أنَّ له رَحِمًا يَصِلُهم، ويَقطَعُونَهُ، ويُحسِنُ إِليهِم، وَيسِيئُونَ إليهِ، فقالَ له صلى الله عليه وسلم:


الشرح