وَلاَ
تَقْطَعِ الأَرْحَامَ إِنَّ قَطِيعَةً *** لِذِي رَحِمٍ كُبْرَى مِنَ
اللهِ تُبْعِدِ
*****
«إِنْ كُنْتَ كَمَا
قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ عَلَيْهِمْ مِنَ
اللهِ ظَهِيرٌ» ([1])، وقالَ صلى الله
عليه وسلم: «صِلْ رَحِمَكَ وَإِنْ قَطَعُوكَ» وقالَ: «لَيْسَ الْوَاصِلُ
بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ مَنْ إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا»
([2])، فإذا أَساءُوا
إليكَ فأنْتَ أَحْسِنْ إِليهِمْ بأنْ تُؤَدِّيَ الواجِبَ عليكَ وَهُم عَلَيْهِمْ
ما أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْهِمْ.
وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ البَيْتِ
بأنَّهُ إذا وَصَلْتَ رَحِمَكَ فإنَّكَ تَحصُلُ عَلَى هاتَيْنِ الفائِدَتَينِ
العَظِيمَتينِ: أنَّ اللهَ يُبارِكُ فِي عُمرِهِ، وهذا مَعنى «أنَّهُ يُفسَحُ لَهُ
فِي أجَلهِ» أنَّهُ يُبارِكُ فِي عُمرهِ بالأعمالِ الصَّالِحَةِ، فَيكُونُ
كالعُمرِ الطَّويلِ، وقيلَ: هو عَلَى ظاهِرِه أَنَّ مَنْ أَحسَنَ إِلَى رَحِمِهِ
فإنَّ اللهَ يُمْدِدُ فِي عُمرهِ زِيادَةً. أمَّا مَن قَطَعَ رَحِمَه فَإِنَّهُ لا
يُزادُ فِي عُمرِهِ، وهذا لا مانِعَ مِنهُ، فهو راجِعٌ إِلَى اللهِ سبحانه وتعالى
وهو مُقَدِّرُ الآجالِ، وقد أَخبرَ عَنْهُ رَسولُهُ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ
يَزِيدُ فِي عُمرِ الواصِلِ، فما دامَ صَحَّ هذا عَنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه
وسلم فهُوَ حَقٌّ، فَيكُونُ الإِنسانُ لَهُ عُمُرٌ إنْ كانَ قاطِعًا، ولَهُ عُمُرٌ
إنْ كانَ واصِلاً، فإن قَطَعَ قَصُرَ عُمرُهُ، وإِنْ وَصَلَ طَالَ عُمرُهُ. وأمَّا
الرِّزْقُ فَإِنَّ اللهَ سُبحانه يَزِيدُهُ رِزقًا واسِعًا حَلالاً بِسَببِ صِلَةِ
الرَّحِمِ. فَهذا مِن فِعْلِ الأسبابِ.
فكَما أنَّ اللهَ أمَرَ بِصِلَةِ الأرحامِ، فإِنَّهُ نَهَى عن القَطِيعَةِ، وجَعلَها كَبِيرةً مِن كبائِرِ الذُّنوبِ، ﴿فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2558).