فَلا
تَغْشَ قَوْمًا رَحْمَةُ اللهِ فِيهِمُ *** ثَوَى قَاطِعٌ قَدْ جَاءَ
ذَا بِتَوَعُّدِ
وَيَحْسُنُ
تَحْسِينٌ لِخُلُقٍ وَصُحْبَةٍ *** ولاَ سِيَّمَا لِلوَالِدِ المُتَأَكِّدِ
*****
ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ ٢٢ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰٓ
أَبۡصَٰرَهُمۡ﴾ [محمد: 22- 23]، واللَّعنُ لا يَكُونُ إلاَّ عَلَى
كَبِيرةٍ مِن كَبائِرِ الذُّنوبِ.
مِن عُقوبَةِ قاطِعِ
الرَّحِمِ أنَّهُ يُمنَعُ مِن المَغفِرَةِ والرَّحمَةِ كمَا جاءَ فِي الحِدِيثِ
أَنَّ الأعمالَ تُعرَضُ عَلَى اللهِ جل وعلا فِي كُلِّ يَوْمِ اثنينِ وخَمِيس،
فَيَغفِرُ لِعبادِهِ المُسِيئِينَ إلاَّ لِذَوِي الشَّحناءِ، فإنَّ اللهَ يُؤجِّلُ
المَغفِرةَ لهم حتَّى يَتصالَحُوا ([1])، فَقطِيعَةُ
الرَّحِمِ تَمنَعُ المَغفِرَةَ فِي هذينِ اليومينِ، وكذلِكَ قاطِعُ الرَّحِمِ لا
يَنبغِي أن يُجالَسَ؛ لأنَّهُ يُؤَثِّرُ عَلَى جليسِهِ، ويُصِيبُه مَا أصابَهُ
مِنَ العُقوبَةِ.
إذا كانَ النَّاسُ
فِي مَجْلِسٍ ومعَهُم قاطِعٌ لِرَحِمِهِ فَإنَّها لا تَنزِلُ عَلَيْهِمُ
الرَّحمَةُ، وهذا وَعِيدٌ شَدِيدٌ.
«وَيَحسُنُ تَحسِينٌ لِخُلُقٍ» والخُلُقُ: بِضَمِّ الخاءِ واللامِ صُورَةُ الإِنسانِ الباطِنَةُ. وأمَّا الخَلْقُ بالسُّكُونِ فهو صُورَتُه الظَّاهِرَة، فإنَّ عَلَى الإِنسانِ أَنَّ يُحسِنَ خُلُقَهُ بأن: يَتلَطَّفَ مَعَ النَّاسِ، ويأتِيَ بالكَلامِ الطَّيِّبِ، ويكونَ رَفِيقًا بالنَّاسِ، وهذا مِن حُسنِ الخُلُقِ، وقد قالَ اللهُ جل وعلا لِنَبِيِّهِ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٖ﴾ [القلم: 4]، وقال سبحانه: ﴿فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ﴾ [آل عمران: 159]، فَيكون الإِنسانُ حَسَنَ الخُلُقِ مَعَ النَّاسِ. وحُسْنُ الخُلُقِ مَع النَّاسِ أَحْسَنُ وأنْفَعُ مِن بَذْلِ المالِ، فإذا
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2565).