حَسَّنْتَ خُلُقَكَ
معَ النَّاسِ فهذا أَحْسَنُ مِن إعطائِهِمُ المالَ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه
وسلم يقولُ: «إِنَّمَا تَسَعُونَ النَّاسَ بِأَخْلاقِكُمْ، لاَ بِأَرْزاقِكُمْ»
([1]).
ولا شَكَّ أَنَّ
حُسْنَ الخُلُقِ مِنْحَةٌ يُعْطِيها اللهُ لِمَنْ يَشاءُ مِن عِبادِهِ، ولكِنَّ
الإِنسانَ يَعمَلُ الأسبابَ، ويُعَوِّدُ نَفْسَهُ عَلَى حُسْنِ الخُلُقِ. وأمَّا
هَذِهِ الخَصْلَةُ فهِيَ مِنَ اللهِ سبحانه وتعالى يَجعلُها لبَعضِ النَّاسِ دُونَ
بَعْضٍ، ولكن عَلَى الإِنسانِ أنْ يُعوِّدَ نَفْسَهُ، ويَعمَلَ الأسبابَ،
ويَتخَلَّقَ بالأخلاقِ الحَسَنَةِ.
«وصُحْبَة» أيْ: ويُشْرَعُ
تَحسِينُ الصُّحْبَةِ مَعَ النَّاسِ فِي السَّفَرِ مثلاً؛ فإذا صاحَبْتَ أحدًا فِي
السَّفَرِ فعليْكَ بِحُسْنِ الخُلُقِ مَعهُ، وقدْ ذَكرُوا أنَّ قَوْلَهُ تَعالَى: ﴿وَٱلۡجَارِ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ
وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلۡجَنۢبِ﴾ [النساء: 36]،
أنَّهُ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، فتُحْسِنُ إِلَى رفِيقِكَ فِي السَّفَرِ، ولا
تَكُنْ سَيِّئَ الخُلُق فِي أسفارِك.
«ولا سِيَّمَا للوالِدِ المُتأكِّدِ» ولا سِيَّما تَحسِينُ الخُلُقِ مع الوالِدِ، قال تَعالَى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ وَلَا تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلٗا كَرِيمٗا ٢٣ وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا﴾ [الإسراء: 23- 24]، وذلكَ بالإحسانِ إِلَيْهِما. والإحسانُ إليهِما بِطَيِّبِ الكلامِ، وتَرْكِ الزَّجْرِ، وتَرْكِ رَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِمْا والتَّواضُعِ لَهُما وإجلالِهما، كما أنَّهُما تَعِبَا عليكَ فِي صِغَرِكَ؛ فأنتَ تُحسِنُ إِلَيهِما
([1]) أخرجه: ابن أبي شيبة رقم (25333)، وبنحوه عند الحاكم رقم (427).