×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

سِوَى الأَبِ فِي الأُولَى وَجَدٍّ بِأَبْعَدِ *** وَأُمٍّ بِوَجْهٍ خَرَّجُوهُ مُجَوَّدِ

*****

 المُهدِي الرُّجوعُ فِي هَدِيَّتِهِ وَهِبَتِهِ، إذا قَبَضَها المُهدَى إليهِ؛ لِقَولِهِ صلى الله عليه وسلم: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ، يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» ([1])، هذا يَدلُّ عَلَى تَحرِيمِ الرُّجُوعِ فِي الهَدِيَّةِ بَعدَما يَقبِضُها المُهدَى إليهِ. أمَّا قَبلَ قَبضِهَا، فلا مانِعَ أَنَّكَ تَرجِعُ.

«وَإِنْ لَمْ يُثَبْ» يَعنِي إذا كانَ قَصدُهُ الثَّوابَ، ولكِن ما أُعطِيَ شيئًا، وَقَبضَها المُهدى إليهِ حينئذٍ لا يَرجِعُ؛ لأنَّ الحديثَ عَامٌّ فِي هِبَةِ التَّبرُّعِ، وهِبَةِ الثَّوابِ، لا يَجُوزُ الرُّجوعُ فِيها.

ويُستَثْنَى مِن تَحريمِ الرُّجوعِ فِي الهِبَةِ الوالِد إذا وَهبَ لِوَلدِهِ هِبةً فَلَهُ أَنْ يَرجِعَ فِيها ولوْ قَبضَها الوَلدُ، بل للوالدِ أَنْ يأخُذَ مِن مَالِ وَلدِهِ؛ لِقَولِهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ» ([2])، وقالَ: «إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ» ([3]) فَالوالِدُ له أَنْ يَرجِعَ فِي الهِبَةِ لِولَدِهِ، ولو قَبضَها الولدُ؛ لأنَّ لَهُ أنْ يَأخُذَ مِن مَالِهِ ما لا يَضُرُّهُ، ولا يَحتاجُهُ، فكذلِك الهِبَة، وكذلِكَ إذا كانَ قَصدُهُ العَدْل بَينَ الأولادِ؛ لأنَّ بَشِيرًا رضي الله عنه رَجعَ فِي الهِبَةِ إِلَى وَلدِهِ النُّعمان بِقَصْدِ التَّعدِيل.

*****


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (2589)، ومسلم رقم (1620).

([2] أخرجه: أبو داود رقم (3530)، وابن ماجه رقم (2292)، وأحمد رقم (6678).

([3] أخرجه: الترمذي رقم (1358)، وابن ماجه رقم (2290)، وأحمد رقم (25296).