×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وعَنْ أَحْمَدٍ أَحْظِرْ مطلقًا دون حاجةٍ *** ومَعْها بلا غُرمٍ فكُلْ لا تزوُّدِ

وليسَ عليه في المُباح غرامةٌ *** كأَكْلٍ لضُرٍّ مِن محوطٍ بمَبْعَدِ

ولا تَطْعَمَنْ مِن دَرِّ أَنْعامِ غائِبٍ *** وزَرْعٍ بحبِّ الرُّطْبِ مِنْهُ بأَوْكَدِ

*****

القولُ الأَوَّلُ: أَنَّه لا يأْكل إلاَّ ممَّا تناثر، ولا يَأْخُذُ مِن الشَّجرة أَوْ يَأْخُذُ مِن الغُصون، وإِنَّما يَأْكُلُ ممَّا تساقط في الأَرْض.

والقولُ الثَّاني: أَنَّه لا بَأْسَ أَنْ يتناولَ مِن الأَغْصان ومِن قِنْوان النَّخْلة، مِن غير أَنْ يصعَدَ، بأَنْ تكون النَّخْلةُ قريبةً لا تحتاج إِلَى صُعودٍ، فإِنْ كانت تحتاج إِلَى صُعودٍ فهذا مثلُ الجِدار ومثلُ الحارس؛ لأَنَّها أَحْرَزَتْ نفسَها.

وعن أَحْمَدَ روايةٌ أُخْرى أَنَّه يُشترط أَنْ يكونَ محتاجًا إِلَى الأَْكْل، ليس معه زادٌ فيأْكل، ويصير هذا شرطًا رابعًا، وقيل: إِنَّه لا حاجةَ لهذا الشَّرط فيأْكل ولو كان غيرَ محتاجٍ؛ لأَنَّ هذا حقُّ المُرور في هذا الشَّيءِ الجاهزِ؛ لأَنَّ نفسَ النَّاس تتطلَّع إِلَى الأَشْياءِ التي يراها فلا بدَّ أَنْ يأْخذَ ما يَرُدُّ نَهْمَتَه. وهذا هو الصَّحيحُ أَنَّه يأْكل ولو كان غيرَ محتاجٍ مِن بابِ ردِّ تطلُّعِ النَّفس إِلَى هذه الأُمورِ.

«وليس عليه غرامةٌ» إِذَا أَكَلَ بهذه الشُّروطِ فليس عليه غرامةُ ما أَكَلَ، أَمَّا إِنْ اخْتلَّ شرطٌ مِن هذه الشُّروطِ، فلا يجوز له أَنْ يأْكلَ، وإِذا أَكَلَ فإِنَّه يغرَم المِثْلَ أَوِ الْقِيمةَ؛ لأَنَّه أَكَلَ مِن مالِ الغيرِ وغيرِ مأْذُونٍ به شرعًا، فيغرمه.

أَمَّا الأَنْعامُ المحلوبةُ كالإِبِل والبَقَرِ والغَنَمِ إنْ كان صاحبُها غائبًا عنها فلا يجوز لك أَنْ تشرَبَ مِن لَبَنِها فهي ليستْ مثلَ الثِّمار،


الشرح