ويحرُم
زَرْعٌ أَوْ ثِمارٌ سقيتَه *** النَّجاسةَ أَوْ دَمَلْتُمُوهَا بأَوْطَدِ
وإِنْ
سُقِيَتْ مِن بَعْدِ ذاكَ بطاهرٍ *** أُبِيْحَتْ وقِيل أُكْرَهُ فقط ولا تشدَّدِ
*****
لا تشرَبُ إلاَّ بإِذْنِ صاحبِها، وكذلك حبُّ
الزَّرْع لا تأْكل منه في غيبةِ صاحبِه.
هذه مسأَلةُ
التَّسْميد بالنَّجاسة، فالثِّمارُ المُسمَّدة بالنَّجاسة أَو التي تُسقى ماءً
نجِسًا كماءِ المجاري، فالسمادُ النَّجِس أَو الماء النَّجِس الذي تُسقى به، لا
يجوز أَكْلُ الثِّمار الناتجةِ عن ذلك؛ لأَنَّها ناتجةٌ عن نجاسة؛ لأَنَّها تُغذى
بالنَّجاسة فلا يجوز أَكْلُها؛ لأَنَّ النَّجاسةَ تسري فيها، هذا أَحدُ القولين
لأَهْل العلم.
القولُ الثَّاني: أَنَّه لا بَأْسَ
أَنْ يُؤْكَلُ ما سُمِّد بالنَّجَس أَوْ سُقي من الماءِ النَّجِس؛ لأَنَّ
النَّجاسةَ قد استحالتْ، والنَّجس يطهر عندهم بالاستحالة.
أَمَّا إِذا سُقيتْ
هذه الأَشْجارُ أَوْ هذا الزَّرْعُ بماءٍ طاهرٍ بعد سَقْيِه بالنَّجس، فإِنَّه
يزول التَّحْريمُ؛ لأَنَّه الماءُ الطاهرُ أَزال النَّجاسةَ، فلا كراهةَ في
أَكْلِه. وقيل: يُكره أيضًا حتى ولو سُقي بالطَّاهر.
وهذا يدلُّ على
أَنَّ الشَّرعَ يحرِص على الطَّهارة وعلى أَنَّ المسلمَ يأْكل مِن الطيِّبات، قال
تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ﴾ [المؤمنون: 51]،
قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ﴾ [البقرة: 172]، ﴿يَسَۡٔلُونَكَ مَاذَآ
أُحِلَّ لَهُمۡۖ قُلۡ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُ﴾ [المائدة: 4]، ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ
ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ﴾ [الأعراف: 157]،
فشَرْعُنا جاءَ بأَنْ نطعمَ وأَنْ نشرَبَ مِن الطيِّبات المباحاتِ، وحرَّم علينا
الخبائِثَ.