×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وممَّا يُخِلُّ بالعَقلِ تعاطِي المُسكِرات، وهي الخَمرُ من أية مَادَّة كانت، قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» ([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» ([2])، فالخمرُ هو المُسكِرُ من أية مادة كان، مِن العِنَب أو من التَّمرِ أو من الشَّعيرِ أو من الزَّبيبِ، كل ما أسْكرَ فهو خَمرٌ من أي مادة اُتُّخذ، وهو حَرامٌ قليله وكثيرُه؛ حمايةً للعَقلِ، والله جل وعلا أنزَل آيات في تحْريم الخَمرِ، أولها قوله تعالى: ﴿يَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِۖ قُلۡ فِيهِمَآ إِثۡمٞ كَبِيرٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثۡمُهُمَآ أَكۡبَرُ مِن نَّفۡعِهِمَاۗ[البقرة: 219]، معلومٌ أنه إذا كان الإثم أكثَرَ من النَّفعِ فإنه حَرامٌ، ثم قال جل وعلا في الآية الأخرى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقۡرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمۡ سُكَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَعۡلَمُواْ مَا تَقُولُونَ [النساء: 43]، في الآية الأولى بَيَّنَ مَضَارَّ الخَمرِ، وأن ضررَها أكثرُ من نفعِها ولكنه لم يُصرح بتَحريمِها، وفي الآية الثانية من «سورة النساء» حرَّمها في بعض الأوقاتِ وهو وَقتُ الصلاة: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقۡرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُمۡ سُكَٰرَىٰ وإذا كانت الصَّلوات خَمسًا في اليوم والليلةِ، يُتركُ الخمرُ خمس مرات في اليوم والليلة، فهذا يُدرِّبُه على ترْكِها نهائيًّا، وهذا من التَّدرُّجِ في التَّحرِيم، ثم إنه حَرَّمها بتاتًا في كلِّ الأوقات، في «سورة المائدة»: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٩٠ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ


الشرح

([1] أخرجه: مسلم رقم (2003).

([2] أخرجه: أبو داود رقم (3681)، الترمذي رقم (1865)، والنسائي رقم (5607).