وَرَجَّحَ
الاسْتِسْلاَمَ فِي الهَرْجِ شَيْخُنَا *** وَحَتِّمْ دِفَاعَ اللِّصِ
وَالعُجْمَ قَلِّدِ
*****
يُدافِعَ أو لا يَجبُ عليه، أو يَجبُ الكَفُّ في
حَالَة الهَرجِ والفِتنَةِ دون حَالَة الأمَان؛ أقوالٌ لأهْلِ العِلم؛ لأنَّ
الدِّفاعَ عن النَّفس مَأذونٌ فيه شَرعًا، فإذا دافَعَ فإنَّه قَد شُرِعَ له ذلك.
ولكن هل يَجبُ
عَليه، أو يجوزُ له أن يَستَسلِمَ؟ قالوا: إنَّه يَجوز أنه لا يدافِع؛ لأنَّ
عُثمان رضي الله عنه لما هَجَموا عليه في بيتِهِ أمر الحرس الذين عنْدَه أن
يَغمِدوا سيوفهم؛ لأنه لا يحب أن يَفتَح على المسلمين بابَ فِتنَة، ولا يحب أن
يُقتل مسلم بسببه رضي الله عنه، فصَبرَ على المِحنَة والبَلاء حتى قُتل، هذا
دَليلٌ على أنه لا يَجبُ على المرءِ أن يُدافِع عن نَفسه؛ ولو دافع فإنه مأذونٌ له
فيه مشروعٌ إلاَّ في حالةِ الهَرجِ، وهو حالة الفِتنَةِ بين المسلمين.
وكونُ الإنْسان لا
يُدافع عن نفسه فيها أحسَن؛ لأن ابن عمر رضي الله عنه في واقِعَة الحَرَّة جمعَ
أهلَه ومنَعَهم من القتالِ، وكسَرَ سَيفَه رضي الله عنه، كفًّا للفتنة.
ومما يَدلُّ على
أنَّه لا يَجبُ عليه، قصَّةُ عثمان رضي الله عنه، وقصة ابن آدم: ﴿لَئِنۢ بَسَطتَ إِلَيَّ
يَدَكَ لِتَقۡتُلَنِي مَآ أَنَا۠ بِبَاسِطٖ يَدِيَ إِلَيۡكَ لِأَقۡتُلَكَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ
ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [المائدة: 28].
المرادُ بقولِه:
شَيخُنا؛ يعني: الشَّيخُ ابن أبي عمر؛ صاحبُ «الشَّرحِ الكَبيرِ»؛ لأَنَّه شيخٌ
للنَّاظِم، وهو أكبرُ مَشائِخه.
«فِي الهَرْجِ»؛ معناهُ القَتْلُ
في الفِتنَةِ بَين المُسلِمين.
وَقولُه: «وَحَتِّمْ دِفَاعَ اللِّصِّ وَالعُجْمَ قَلِّدِ»، لما انتهى من بيانِ حُكمِ الصَّائل الذي يهجمُ بالقُوَّة، ذكر حُكم اللِّصِّ الذي يأتي خُفيَةً يُريد