×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

أما الذي يتصدَّقُ وينفِقُ في طاعةِ اللهِ مادام على قَيدِ الحَياة، فهذا هو الذي يَستفيدُ من مالِه، يَنفَع ويَنتَفع بخلاف الجمُوعِ المَنوعِ، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال لعائِشةَ رضي الله عنها: «لاَ تُوعِي فَيُوعِيَ الله عَلَيْكِ» ([1])، فالذي يُنفِقُ ينفقُ اللهُ عليهِ، والذي يُوعي فَاللهُ جل وعلا لا ينفق عليه، وجاء في الحديث أنه كلما تَطلُع شَمسٌ يخرج معها ملكان فيقول أحدهما: اللَّهُمَّ عَجِّلْ لِمُنْفِقٍ خَلَفًا. ويقول الآخر: اللَّهُمَّ عَجِّلْ لِمُمْسِكٍ تَلَفًا ([2]).

وهذا كما في قوله تعالى: ﴿وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ [سبأ: 39]، فتجدُ الذين يُنفقُونَ ويُطعِمون الطَّعام ويَنفعونَ النَّاس، تَجدُ الخَيرَ يُدِرُّ عليهم، وتجدُ البُخلاء لا يَحصُلون على شيءٍ إلاَّ النَّكدَ والتَّعبَ، أما الذين يُنفقونَ فَالله يُسهل عليهِم الرِّزْقَ ويأتيهم من حيثُ لا يَحتسِبون، وهذا مصداقُ قَوله صلى الله عليه وسلم: «أَنْفِقْ يُنْفَق عَلَيْك» ([3]).

إياك أن تَكتسِبَ المالَ الحرامَ؛ فإنه يكونُ عليكَ حسابُه وعذابُه، ويكون لِغيرِك نَفعُه، فأنت تشقَى وهو يَسعَدُ به، فأنت تُحرَمُ مِنه وتتَحَمَّل مَسئوليَّتَه ويكون لغيرِك نَفعُه وفائدَتُه ممن لم يَتعب فيه.

*****


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (1434)، ومسلم رقم (1029).

([2] أخرجه: البخاري رقم (1442)، ومسلم رقم (1010).

([3] أخرجه: البخاري رقم (4684).