×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

وَلاَ تَخْشَ فَوْتَ الرِّزْقِ فَاللهُ ضَامِنٌ *** لَكَ الرِّزْقَ مَا أَبْقَاكَ فِي اليَوْمِ وَالغَدِ

أَلاَ إِنَّ ذِي الأَمْوَالِ فِي الأَرْضِ مِنْحَةٌ *** كَمِنْحَةِ مَنْ يُجْدِي النَّوَالَ وَيَجْتَدِي

بِهَا يُعْرَفُ المَرْءُ السَّخِيُّ مِنَ الفَتَى الـ *** بَخِيلِ وَذُو الأَطْمَاعِ مِنْ ذِي التَّزَهُّدِ

*****

ولا يُترك يتصرف في مالِهِ؛ لأجل حظِّ الورَثةِ.

فلا تنتَظِر هذه السَّاعة، بل بادِرْ ما دمت مُتمكِّنًا من التصرف، تُنفق من مالِك وتتصدَّق وأنت صحيحُ الجسم، وأيضًا عندك رغبة في المال، أما إذا رَخُص عليكَ المالُ ورأيت أنك مفارق الدُّنيا تُريدُ أنك تفرِّق المال؛ لأنك شَعرتَ أنك مفارق الدُّنيا فهذا لا يُمكنُ، ولا تتمكن منه أيضًا لأنَّك تُمنع منه.

لا تَخْشَ أنَّك إذا تَصدَّقتَ وأنفقْتَ أن الرِّزقَ سَيقلُّ، بل يكثرُ الرِّزقُ بإذن اللهِ؛ لأنَّ الرِّزق بِيدِ الله، وفي الأثَرِ الإلهي: «عَبْدِي,أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ» ([1])، فلا تَخشَ الفَقرَ.

فالأموالُ عطيةٌ من اللهِ سبحانه وتعالى، ومِنحَةٌ من الله سبحانه وتعالى، فإذا أعطاكَ اللهُ فأَعْطِ، وإذا نَحلَك اللهُ فأَنحِلْ.

بالصَّدَقةِ والإنفاقِ يُعرَفُ الجَوادُ والكَريمُ ويُعرف البخيلُ واللَّئيمُ، فالذي لا ينفِقُ هذا بخيلٌ، والذي ينفِقُ هذا يكون جوادًا وكريمًا، أمَّا أنَّكَ تُريدُ أن تكون جوادًا وكريمًا بدون نفَقَةٍ وبدون بذْلٍ هذا لا يَحصُل، قال المُتنَبِّي:

لَولاَ المَشَقَّةُ سَادَ النَّاسُ كُّلُّهُمُ *** الجودُ يُفْقِرُ وَالإِقْدَامُ قَتَّالُ


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (4684).