وَتِلْكَ
لَعَمْرِي مِنْحَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ *** تُؤَلِّفُ مَا بَيْنَ الوَرَى مَعَ تَبَعُّدِ
تَسُلُّ
سَخِيمَاتِ القُلُوبِ وَتَزْرَعُ الـ *** ـمَحَبَّةَ فِيهَا لِلفَتَى
المُتَجَوِّدِ
*****
وقال صلى الله عليه
وسلم: «يَا نِسَاءَ المُسْلِمَاتِ، لاَ تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا،
وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» ([1]) فالهدِيَّة وإن
كانت قليلةٌ فإنَّها سُنَّةٌ وفيها فضلٌ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل
الهدية، وكان يُهدِي ويُهدَى إليه، فالهدية بابٌ عظيمٌ من أبواب المَحبَّةِ
والتآخي بين المسلمين، ولو كانت قليلة فإن لها تأثيرًا.
ويُهدي الإنسانُ «حَالَ
حَيَاتِهِ»؛ يعني أن يكون المُتبرِّعُ في حال الحياة، أما إن كان من بعد المَوتِ
فهي وَصيَّةٌ، وهذا هو الفرق بين الهِبَةِ والوصِيَّة، الهبَةُ في حال الحياة،
والوصِيَّةُ من بعد المَوتِ.
وتكون الهديَّةُ «بِلاَ
عِوَضٍ»؛ أما إذا كانت بِعِوضٍ فهي هبةُ الثَّواب، وهذه تكون من الأدْنَى إلى
الأعلى، وهذه لا يُقصَدُ بها ما يقصد بهبَةِ التَّبرُّع، إنما يقصد بها الطَّمع،
كالذين يهدون إلى الأكابِر والملوك والأغْنياء.
فائدَتُها أنها
تُقرِّبُ بين القُلوبِ المُتباعِدةِ، وهي سُنَّةٌ لأن النبي صلى الله عليه وسلم
أمرَ بها وفَعلَها.
وفائدَتُها أيضًا كما في الحديثِ أنَّها تَسُلُّ السَّخيمَةَ؛ يعني الكراهيَةَ والبغضاءَ من القُلوبِ، وتُورثُ المَحبَّة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6017)، ومسلم رقم (1030).