الذين يفقدون العقولَ ماذا يكون حالُهم، وماذا
يكون أَمْرُهم في المجتمع؟ فإِذَا رَأَيْتَهم تحمد الله الذي أَعْطاك العقلَ الذي
تعرف به منافعَك، ومصالحَك وتعرف به المضارَّ، تعرف به كلَّ الأُمور فهو نعمةٌ
عظيمةٌ، فلذلك مَن جنى على عقلِه بتعاطي الشَّرابَ المُسْكِرَ فإِنَّ اللهَ
أَوْجبَ عليه الحدَّ، وهو الجلْدُ، وقدْ جلَد النَّبيُّ في شُرْبِ الخمر؛ لأَجْل
حمايةِ العقل، ويحرُم كلُّ ما يُعين على الخمر، ولهذا لعَن النَّبِيُّ صلى الله
عليه وسلم فيها عشرة؛ لأَنَّهم تعانوا على الإِثْم والعدوانِ، فكلُّ ما يُعين على
الخمر فإِنَّه مُحرَّمٌ، تصنيعُها واستيرادُها وبيعُها وثمنُها، كلُّ هذه أُمورٌ
مُحرَّمةٌ؛ لأَنَّها وسائِلُ إِلَى الشَّرِّ، فيحرُم كلُّ ما يعين على الباطل،
ومنه الإِعانةُ على الخمر بأْن يُؤْجِرَ لها مصنعًا أَوْ يُؤْجِرَ لها محلاَّتٍ
للبيع والشِّراءِ هذا حرامٌ على المسلمين، ومَن روَّجها فإِنَّه يُؤَدَّب
ويُعزَّرُ أَبْلغ التَّعزير، ومَن شرَبها متعمدًا فإِنَّه يقامُ عليه الحدُّ حتى
يتركَها.
ثالثًا: يحرُم بيعُ
العِنبِ على مَن يتَّخذُهُ خمرًا، فإِذَا كان رَجُلٌ يصنعُ الخمرَ وأَنْتَ تعرف
هذا وجاءَك يشتري عِنبًا، فلا يجوز لك أَنْ تبيعَ عليه، فإِنْ بِعْتَ فالثَّمَنُ
حرامٌ وأَنْتَ تُعزَّر شرعًا.
رابعًا: يحرُم بيعُ عصيرِ
الفواكه لمَنْ يتَّخذُه خمرًا، الأَصْلُ أَنَّ عصيرَ الفواكهِ لا بَأْسَ بعَصْرِه
وشُرْبِه، لكنْ لا يُتْرَك مدَّةً طويلةً يتخمَّر فيها، فلا يُتْرَكُ أَكْثرَ مِن
ثلاثةِ أَيَّام لأَنَّه بعدها يتخمَّر ويُسْكِرُ؛ إلاَّ إِذَا حُفِظ مِن
التَّخمُّر كما في المعلَّبات المحفوظةِ اليومَ، فالذي يشتري العصيراتِ مِن أَجْل
أَنْ يحوِّلَها إِلَى خمرٍ، هذا يحرُم البيعُ عليه ويحرُم الثَّمنُ، أَمَّا الذي
يشتري العصيراتِ ليشربَها هذا لا بَأْسَ به.