وما كان نفعه خالصًا أو معه ضرر خفيف والنفع أرجح منه فهذا موضع الخلاف على
ثلاثة أقوال ([1]):
القول الأول: أنها على الإباحة لعدة أدلة منها:
قوله تعالى: {هُوَ ٱلَّذِي
خَلَقَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا} [البَقَرَة: 29]، فإنه تعالى امتن على خلقه بما في
الأرض جميعًا ولا يمتن إلا بمباح إذ لا منة في محرم ([2]).
والخطاب لجميع الناس لبدئه الكلام بقوله: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ} [البَقَرَة: 21] ووجه الدلالة أنه أخبر أنه خلق
جميع ما في الأرض للناس مضافًا إليهم باللام.....وهي توجب اختصاص المضاف بالمضاف
إليه واستحقاقه إياه من الوجه الذي يصلح له وهذا المعنى يعم موارد استعمالها
كقولهم المال لزيد والسرج للدابة وما أشبه ذلك فيجب إذن أن يكون الناس مملكين
ممكنين لجميع ما في الأرض فضلاً من الله ونعمة وخص من ذلك بعض الأشياء وهي الخبائث
لما فيها من الإفساد لهم في معاشهم أو معادهم فيبقى ما عداه مباحًا بموجب الآية ([3]).
قوله تعالى: {وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ} [الأنعَام: 119].
([1])حاشية الشنقيطي على روضة الناظر ببعض تصرف ص(20).