×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

·       ووجه الدلالة منها من ناحيتين:

الأولى: أنه وبخهم وعنفهم على ترك الأكل مما ذكر اسم الله عليه.

فلو لم تكن الأشياء مطلقة مباحة لم يلحقهم ذم ولا توبيخ إذ لو كان حكمها مجهولاً أو كانت محظورة لم يكن كذلك فتوبيخهم على ترك الأكل مما ذكر عليه اسمه دليل على أن الأصل الإباحة إذ لو كان الأصل التحريم لكانوا مصيبين في ترك الأكل من ذلك فلا لوم عليهم.

الناحية الثانية: أنه قال{وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ}[الأنعَام: 119]، والتفصيل: التبيين، فذكر أنه بين المحرمات فما لم يبين تحريمه ليس بمحرم وما ليس بمحرم فهو حلال إذ ليس إلا حلال أو حرام ([1]).

قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَعْظَمَ الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» ([2])، ووجه الدلالة منه: إن الأشياء لا تحرم إلا بتحريم خاص لقوله: «لَمْ يُحَرَّمْ» وإن تحريمها قد يكون لأجل المسألة وبدون ذلك ليست محرمة ([3]).

القول الثاني: إن الأصل في ذلك التحريم حتى يرد دليل الإباحة، واستدل لذلك بأن الأصل منع التصرف في ملك الغير بغير إذنه وجميع الأشياء ملك لله جل وعلا فلا يجوز التصرف فيها إلا بعد إذنه ([4]).

القول الثالث: التوقف عن الحكم في هذا حتى يرد دليل مبين للحكم فيه ([5]) وكأن قائل ذلك تكافأت عنده أدلة الطرفين فتوقف.


الشرح

([1])مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ص(535 - 536) ج(21) بتصرف يسير.

([2])رواه الإمام البخاري في صحيحه: (6859)، والإمام مسلم في صحيحه: (2358).

([3])مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ص(537) ج(21).

([4])حاشية الشنقيطي على الروضة ص(19).

([5])حاشية الشنقيطي على الروضة ص(19).