×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

 وعن الحسن ([1]) رضي الله عنه أنه قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكلون لحوم الخيل في مغازيهم فهذا يدل على أنهم كانوا يأكلونها في حال الضرورة كما قال الزهري، فيحمل على ذلك صيانة للأدلة عن التناقض.

الوجه الثاني: أنه إذا اجتمع حاظر ومبيح ترجح الحاظر احتياطًا - كما نوقش ([2]) الاستدلال بحديث أسماء وبالرواية الثانية لحديث جابر عند مسلم عن الزبير ([3])أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «أَكَلْنَا زَمَنَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَحُمُرَ الْوَحْشِ وَنَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْحِمَارِ الأَْهْلِيِّ» فقال المخالف: إن فعل الصحابي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يكون حجة إذا علمه النبي صلى الله عليه وسلم وفي علمه بذلك شك - وأيضًا هذا معارض بحديث خالد بن الوليد: «قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ» ([4]).

ثم لو سلم من المعارضة لم يصح التعلق به في مقابلة دلالة الآية {وَٱلۡخَيۡلَ وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِيرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِينَةٗۚ} [النّحل: 8]  على منع أكل الخيل - هذا حاصل ما نوقشت به أدلة المجيزين لأكل لحوم الخيول - وتأتي الإجابة عن ذلك.

القول الثالث: إن أكل لحوم الخيل مكروه كراهة تنزيه وهو ظاهر الرواية عن أبي حنيفة ([5]) ورواية عن مالك صححها بعض المالكية ([6]).


الشرح

([1])هو: الحسن بن يسار البصري تابعي كان إمام أهل البصرة وحبر الأمة في زمانه ولد سنة (21) وتوفي سنة (110) هـ، الأعلام ص(242) ج(2).

([2])شرح ابن دقيق على عمدة الأحكام ص(455) ج(4) بحاشيته.

([3])هو: مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري حافظ من أئمة المحدثين أشهر كتبه صحيح مسلم ولد سنة (204) وتوفي سنة (261) هـ، الأعلام ص(117) ج(8).

([4])أخرجه أهل السنن وتعقب بأنه شاذ ومنكر لأنه في سياقه أنه شهد خبير ولم يسلم إلا بعدها/فتح الباري ص(651) ج(9).

([5])بدائع الصنائع ص(39) ج(5).

([6])تفسير الشنقيطي ص(253) ج(2).