×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

ب- وأما حملهم الإباحة على حالة الضرورة والمخمصة - فيجاب عنه بأن الإذن في أكل الخيل لو كان رخصة لأجل المخمصة لكانت الحمر الأهلية أولى بذلك لكثرتها وعزة الخيل حينئذ ولأن الخيل ينتفع بها فيما ينتفع به في الحمير من حمل وغيره والحمير لا ينتفع بها فيما ينتفع بالخيل فيه من القتال عليها وقد أمر صلى الله عليه وسلم بإراقة القدور التي طبخت فيها الحمر مع ما كان بهم من الحاجة فدل على ذلك على أن الإذن في أكل الخيل إنما كان للإباحة العامة لا لخصوص الضرورة ([1]).

ج- وأما قولهم بترجيح الحاظر على المبيح احتياطًا - فيجاب عنه بأن ذلك إنما يكون بشروط منها تساوي الأدلة في قوة السند وليس الأمر كذلك هنا فأدلة الإباحة أقوى من أدلة التحريم.

د- وأما اعتراضهم على حديث أسماء بأنه ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك فيرده قولها: «فَأَكَلْنَاهُ نَحْنُ وَأَهْل بَيْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم » فهو يشعر إشعارًا قويًا أنه صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك مع أن ذلك لو لم يرد لم يظن بآل أبي بكر رضي الله عنهم أنهم يقدمون على فعل شيء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلا وعندهم العلم بجوازه لشدة اختلاطهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وعدم مفارقتهم له ومن ثمة كان الراجح أن الصحابي إذا قال: «كُنَّا نَفْعَلُ كَذَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم » أن له حكم الرفع لأن الظاهر اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وتقريره ([2]).

هـ- وأما اعتراضهم بذلك أيضًا على رواية مسلم لحديث جابر حيث لم يخبر فيها أنه صلى الله عليه وسلم علم بذلك - فيرده الرواية الأخرى المتفق عليها


الشرح

([1])انظر: فتح الباري ص(652) ج(9) بتصرف.

([2])فتح الباري ص(649) ج(9).