وفي روايات أنه صلى الله عليه وسلم وجد القدور تغلي فأمر بإراقتها وقال لا تأكلوا من لحومها شيئًا، وفي رواية نهينا عن لحوم الحمر الأهلية.
وفي رواية: إنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ: «أَوْ ذَاكَ»، وفي رواية: «نَادَى مُنَادِى النبي صلى الله عليه وسلم: أَلاَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْهَا فَإِنَّهَا رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ»، وفي رواية: «يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ أَوْ نَجِسٌ» قَالَ: فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ بِمَا فِيهَا ([1]) أ. هـ.
فهذه الأحاديث برواياتها المتضافرة هي عمدة الجماهير في تحريم لحوم الحمر الأهلية.
وأما ما ذهب إليه مالك من كراهتها فاستدل له بما يأتي:
أ- ما روي عن ابن عباس ([2]) أنه كان يقول بظاهر قوله تعالى: {قُل لَّآ أَجِدُ فِي مَآ أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٖ يَطۡعَمُهُۥٓ إِلَّآ أَن يَكُونَ مَيۡتَةً أَوۡ دَمٗا مَّسۡفُوحًا أَوۡ لَحۡمَ خِنزِيرٖ} [الأنعَام: 145] وتلاها ابن عباس وقال ما خلا هذا فهو حلال ([3]) - فهذا حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس يفهم من الآية الكريمة عدم تحريم الحمر الأهلية.
ب- ما جاء في حديث غالب بن أبجر من قوله: أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي شَيْءٌ أُطْعِمُ أَهْلِي إِلاَّ شَيْءٌ مِنْ حُمُرٍ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَْهْلِيَّةِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
([1])شرح النووي على صحيح مسلم ص(90 - 91) ج(13).