أحدها: أن هذا الاستدلال إنما يتم في الأشياء التي لم يرد النص بتحريمها - والحمر الأنسية قد تواردت النصوص على تحريمها والتنصيص على التحريم مقدم على عموم التحليل وعلى القياس ([1]).
ثانيها: أن الآية مكية وأحاديث التحريم بعد الهجرة ([2]) فالآية تذكر ما حرم حين نزولها وليس فيها نفي ما سيأتي «فلا تعارض ([3]) بين هذا التحريم وبين الآية الكريمة فإنه لم يكن حرم حين نزول هذه الآية من المطاعم إلا هذه الأربعة والتحريم كان يتجدد شيئًا فشيئًا فتحريم الحمر بعد ذلك تحريم» مبتدأ «لما سكت عنه النص لا أنه رافع لما أباحه القرآن ولا مخصص لعمومه فضلاً عن أن يكون ناسخًا، الله أعلم».
ثالثها: ما قاله بعضهم: «إن هذه الآية مشتملة على سائر المحرمات بعضها بالنص وبعضها يؤخذ من المعنى وعموم اللفظ، فإن قوله تعالى في تعليل الميتة والدم ولحم الخنزير أو الأخير منها فقط: «فَإِنَّهُ رِجْسٌ» وصف شامل لكل محرم فإن المحرمات كلها رجس وخبث وهي من أخبث الخبائث المستقذرة التي حرمها الله على عباده صيانة لهم وتكرمة عن مباشرة الخبيث الرجس ويؤخذ تفاصيل الرجس المحرم من السنة فإنها تفسر القرآن وتبين المقصود منه» ([4]).
رابعها: أن يقال إن الآية في سياق نقض أقوال المشركين المتقدمة في تحريمهم لما أحله الله وخوضهم بذلك بحسب ما سولت لهم أنفسهم وذلك في بهيمة الأنعام خاصة وليس منها محرم إلا ما ذكر في
([1])نيل الأوطار ص(118) ج(8) وفتح الباري ص(655) ج(9).