ونهى عن أكله وأخبر أنه
فسق وهذا تنبيه على أن ما ذكر عليه اسم غيره أشد تحريمًا وأولى بأن يكون فسقًا فلا
يحل ومن ذلك هذه المسألة التي نحن بصددها.
الثاني: أن قوله: {وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ
أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ} [المَائدة: 5] قد خص منه ما يستحلونه من الميتة والدم
ولحم الخنزير فلأن يخص منه ما يستحلونه ما أهل به لغير الله أولى وأحرى.
فليس المراد من طعامهم ما يستحلونه وإن كان محرمًا عليهم فهذا لا يمكن
القول به بل المراد به ما أباحه الله لهم - فإن الخنزير من طعامهم الذي يستحلونه
ولا يباح لنا فتحريم ما أهل به لغير الله عليهم أعظم من تحريم الخنزير لأن تحريم
ما أهل به لغير الله من باب تحريم الشرك وتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير من باب
تحريم الخبائث والمعاصي، ولا شك أن تحريم الخبائث دون تحريم الشرك.
الثالث: أن الأصل في الذبائح التحريم إلا ما أباحه الله ورسوله فلو قدر تعارض
دليلي الحظر والإباحة لكان العمل بدليل الحظر أولى لثلاثة أوجه:
أحدها: تأييده بالأصل الحاظر الثاني: أنه أحوط الثالث: أن الدليلين إذا تعارضا تساقطا ورجع إلى أصل التحريم ([1]) ومما يدل على أن الأصل في الذبائح التحريم قوله صلى الله عليه وسلم في كلاب الصيد: «وَإِنْ خَالَطَهَا كِلاَبٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلاَ تَأْكُلْ فَإِنَّكَ إِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ» ([2]) فدل على أن الأصل في الذبائح التحريم حتى يثبت الدليل الناقل.
([1])أحكام أهل الذمة ص(253 - 256) ج (1).