×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ([1]): فلمَّا تعارض العموم الحاظر وهو قوله تعالى: {وَمَآ أُهِلَّ بِهِۦ لِغَيۡرِ ٱللَّهِۖ} [البَقَرَة: 173] والعموم المبيح وهو قوله: {وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ} [المَائدة: 5] اختلف العلماء في ذلك، والأشبه بالكتاب والسنة ما دل عليه أكثر كلام الإمام أحمد من الحظر - وإن كان من متأخري أصحابنا من لا يذكر هذه الرواية بحال- وذلك لأن عموم قوله تعالى: {وَمَآ أُهِلَّ لِغَيۡرِ ٱللَّهِ بِهِۦ} إلى قوله: {وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ} عموم محفوظ لم تخص منه صورة بخلاف طعام الذين أوتوا الكتاب فإنه يشترط له الذكاة المبيحة فلو ذكى الكتابي في غير المحل المشروع لم تبح ذكاته لأن غير الكتابي أن تكون ذكاته كالمسلم والمسلم لو ذبح لغير الله أو ذبح باسم غير الله لم يبح وإن كان يكفر بذلك فكذلك الذمي لأن قوله تعالى: {وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ وَطَعَامُكُمۡ حِلّٞ لَّهُمۡۖ} [المَائدة: 5] سواء وهم وإن كانوا يستحلون هذا ونحن لا نستحله فليس كل ما استحلوه يحل لنا ولأنه قد تعارض حاظر ومبيح فالحاظر أولى أن يقدم، ولأن الذبح لغير الله أو باسم غيره قد علمنا يقينًا أنه ليس من دين الأنبياء عليهم السلام فهو من الشرك الذي أحدثوه فالمعنى الذي لأجله حلت ذبائحهم منتف في هذا والله أعلم.

هذا ما رجحه شيخ الإسلام في هذا الموضوع وهو ترجيح على ضوء الكتاب والسنة والقواعد الشرعية، وأما تفريق المالكية بين ما ذبح على اسم غير الله على وجه التقرب فيحرم وما ذبح لأجل الأكل فيكره ولا يحرم فهو تفريق لا دليل عليه فإن علة التحريم وهي الإهلال به لغير الله متحققة فيهما دون فرق فوجب الاستواء فيهما في الحكم،


الشرح

([1])اقتضاء الصراط المستقيم ص(256) ط مطبعة الحكومة سنة (1389) هـ.