×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

ففيه حجة على من منع ما حرم عليهم كالشحوم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر ابن مغفل على الانتفاع بالجراب المذكور ([1]).

وقد نوقش هذا الاستدلال: بأنه لا يتعين كون هذا الشحم من المحرم عليهم بل الظاهر أنهم إنما كانوا يأكلون الشحوم المباحة لهم فيجوز لنا أكله كما يجوز لنا أكل ذبائحهم وأطعمتهم فالظاهر أنه من شحم الظهر والحوايا وما اختلط بعظم فإنه هو الشحم الذي كانوا يأكلونه ([2]).

واستدل المبيحون أيضًا بحديث: «أنَّ يَهُوديِة أَهْدَتْ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَاة فَأَكَلَ مِنْهَا وَلَمْ يُحرِم شحم بطنها ولا غيره وَأَكَل مَعُه مِنْهَا بِشْر بن البَراء بن مَعْرُور فَمَات» ([3]) ووجه الدلالة منه أنه أكل منها هو ومن معه ولم يسألهم هل نزل بها ما يعتقدون تحريمه من شحمها أم لا.

هذا ولا يظهر لي القول الراجح في هاتين المسألتين - مسألة ما إذا ذبح الكتابي ما يحرم عليه. أو ما يحرم عليه شيء من شحمه فأتوقف. والله أعلم.

ح- إذا ذبح الكتابيون ما يسمى عندهم بالطريف - وهو ما لصقت رئته بالجنب- فهل يحرم علينا لكونهم لا يعتقدون حله أو لا.

الجمهور لا يحرمونه -لأن التوراة لم تحرم الطريف بهذا المعنى- وهو ما لزقت رئته بالجنب - وإنما حرمت التوراة الطريفا التي هي الفريسة التي يفترسها الأسد أو الذئب أو غيرهما من السباع- وهو الذي عبر عنه القرآن بقوله تعالى: {وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ} [المَائدة: 3].


الشرح

([1])فتح الباري ص(638) ج (9).

([2])أحكام أهل الذمة لابن القيم ص(264) ج (1)

([3])ثابت في الصحيح/ أحكام أهل الذمة ص(259) ج (1) وتفسير ابن كثير ص(19) ج (2)