×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

 واستدلوا أيضًا بأن الله تعالى أباح ذبائح أهل الكتاب بقوله تعالى: {وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ}  [المَائدة: 5]  وهم لا يسمون غالبًا فدل على أنها غير واجبة لأنها لو اشترطت التسمية لما حلت الذبيحة مع الشك في وجودها لأن الشك في الشرط شك في المشروط، ويمكن الجواب عن هذا الاستلال من قبل المخالفين بأن المراد بذبائح أهل الكتاب المباحة بالآية المذكورة ما ذبحوها بشرطها كذبائح المسلمين، وإذا لم يعلم اسمي الذابح أم لا فذبيحته حلال سواء كان مسلمًا أم كتابيًا، فإن الشرع لم يكلفنا بالوقوف على كل ذبيحة لنعلم أذكر عليها اسم الله أم لا لما في ذلك من الحرج فوجب أن نحمل ذبح المسلم ومن في حكمه على أحسن الأحوال تحسينًا للظن.

 واستدلوا ([1]) بحديث عائشة ([2]) رضي الله عنها: أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لاَ نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ» قَالَتْ: وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْكُفْرِ ([3]) ووجه الدلالة منه أنه لو كانت التسمية شرطًا لم يرخص لهم إلا مع تحققها وما ذكر في الحديث المراد به التسمية المأمور بها عند أكل الطعام - ويجاب عن ذلك بأنه خلاف مدلول الحديث فإنه يدل على وجوب التسمية لأن الصحابة فهموا أنها لابد منها وخشوا أن لا تكون وجدت من أولئك لحداثة إسلامهم فأمرهم بما يخصهم من التسمية عند الأكل.


الشرح

([1])انظر: تفسير ابن كثير ص(169) ج(2) والنووي على صحيح مسلم ص(74) ج(13).

([2])هي: أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق أفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالدين والأدب توفيت سنة (58) /الإعلام ص(5) ج(4).

([3])رواه البخاري / فتح الباري ص(634) ج(9).