الصحابة وغيرهم لم يحرموا
ذبائحهم ولا يعرف ذلك إلا عن علي وحده وقد روي معنى قول ابن عباس عن عمر بن الخطاب
([1]).
فمن العلماء من رجح قول عمر وابن عباس وهو قول الجمهور كأبي حنيفة ومالك
وأحمد في إحدى الروايتين عنه ومن العلماء من رجح قول علي وهو قول الشافعي وأحمد في
رواية أخرى عنه ([2])قال الإمام ابن جرير
في تفسيره ([3])بعد سياقه الأخبار
عن علي رضي الله عنه في ذلك: «وهذه الأخبار عن علي - رضوان الله عليه - إنما تدل
على أنه كان ينهى عن ذبائح نصارى بني تغلب من أجل أنهم ليسوا على النصرانية لتركهم
تحليل ما تحلل النصارى وتحريم ما تحرم غير الخمر، ومن كان منتحلاً ملة هو غير متمسك
منها بشيء فهو إلى البراءة منها أقرب منه إلى اللحاق بها وبأهلها، فلذلك نهى على
عن أكل ذبائح نصارى بني تغلب لا من أجل أنهم ليسوا من بني إسرائيل». أ. هـ.
وذكر عن ابن عباس أنه قال «كلوا من ذبائح بني تغلب وتزوجوا من نسائهم فإن الله قال في كتابه: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ} [المَائدة: 51] فلو لم يكونوا منهم إلا بالولاء: لكانوا منهم ([4])فكان مثار الخلاف بين علي وابن عباس رضي الله عنهما في هذه المسألة هو: هل يكفي مجرد الانتساب إلى النصرانية
([1])هو: أمير المؤمنين ثاني الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بالفاروق وكناه بأبي حفص توفي سنة (23) / الأعلام ص(303 - 304) ج (5).