استحب الإمام أحمد أن
يستخرج الدم الذي في جوفه ([1]) وستأتي مناقشة ما
استدل به أهل هذا القول عند ذكر القول الثالث.
القول الثاني: وهو قول المالكية أن ذكاة الجنين ذكاة أمه أن تم خلقه
ونبت شعر جسده ([2]) - لأن كونه محلاً
للذكاة يقتضي أن يشترط فيه الحياة قياسًا على الأشياء التي تعمل فيها التذكية والحياة
لا توجد فيه إلا إذا نبت شعره وتم خلقه كما أنه قد روي عن جماعة من الصحابة أنهم
كانوا يقولون: إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمة ([3]) وقد ورد في بعض
روايات الحديث اشتراط الأشعار فقد روى ابن عمر الحديث بلفظ: «إِذَا أَشْعَرَ الْجَنِين فَذَكَاته ذَكَاة أُمّه» ([4]) وستأتي مناقشة هذا
الاستدلال في الترجيح.
القول الثالث: أن الجنين إذا وجد ميتًا في بطن أمه بعد ذكاتها لم يؤكل
أشعر أم لم يشعر لأن حياته مستقلة يتصور بقاؤها بعد موت أمه فيجب أن يفرد بالذكاة
- بدليل أن جنين الآدمية يفرد بإيجاب الغرة ويعتق بإعتاق مضاف إليه وتصح الوصية به
وله - وجنين البهيمة حيوان دموي لا يحصل المقصود من الذكاة وهو الفصل بين دمه
ولحمه يخرج أمه لأن ذلك ليس بسبب خروج الدم منه فلا يجعل فيه تبعًا لغيره، ولأن ما
لم يذك ميتة وقد حرم الله الميتة والجنين غير مذكى فيكون محرمًا.
ويأتي بيان ما في ذلك - وهذا قول الحنفية ([5]) إلا أبا يوسف ومحمد
([1])نفس المصدر.