وجارحة الطير وهو أنه يخشى
أنه إنما أمسك على نفسه حينئذ فهذا المعنى يخشى منه أيضًا في جارحة الطير، واستدل
بعضهم بحديث عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا عَلَّمْتَ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ ثُمَّ أَرْسَلْتَهُ وَذَكَرْتَ
اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكَ عَلَيْكَ» قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلَ،
قَالَ: «إِذَا قَتَلَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ
مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَمْسَكَهُ عَلَيْكَ» ([1]) وستأتي مناقشة.
القول الثاني: أنه لا يشترط في حل ما صاده جارح الطير أن لا يأكل منه
وهذا قول الحنابلة ([2]) والحنفية ([3]) ووجه في مذهب
الشافعية ([4]) قالوا: لأن هناك
فارقًا بين جوارح الكلاب وجوارح الطير، وذلك أن بدن البازي لا يحتمل الضرب حتى
يترك الأكل وبدون الكلب يحتمله فيضرب ليتركه، وأيضًا علامة التعليم ترك ما هو
مألوفة عادة والبازي متوحش نافر فكانت الإجابة إذا دعي: تعلمه وأما الكلب فهو ألوف
يعتاد الانتهاب فكان: تعلمه ترك مألوفة وهو الأكل والاستلاب ([5]) وإذا كان كذلك فلا
يصح قياس الطير على الكلاب بينهما من الفرق المؤشر.
وأما الحديث الذي استدل به بعض الشافعية على اشتراط عدم الأكل في جارحة الطير فهو حديث ضعيف لا تقوم به حجة وذكر البازي فيه لم يأت في رواية الحافظ وإنما يأتى في رواية مجالد ابن سعيد وهو ضعيف باتفاقهم ([6]).
([1])رواه أبو داود والبيهقي وغيراهما/المجموع للنووي ص(96) ج (9).