×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

فأما إذا لم يتوارى عنه أو توارى لكنه لم يقعد عن الطلب حتى وجده فإنه يؤكل استحسانًا والقياس أنه لا يؤكل ووجه القياس أنه يحتمل أن الصيد مات من جراحة كلبه أو من سهمه، ويحتمل أنه مات بسبب آخر فلا يحل أكله بالشك ووجه الاستحسان أن الضرورة توجب ذلك لأن هذا مما لا يمكن الاحتراز عنه في الصيد فإن العادة أن السهم إذا وقع بالصيد تحامل فغاب وكذلك إذا أصابه الكلب فلو اعتبرنا ذلك أدى إلى انسداد باب الصيد ووقوع الصيادين في الحرج فسقط اعتبار الغيبة التي لا يمكن التحرز عنها إذا لم يوجد من الصائد تفريط في الطلب لمكان الضرورة والحرج.

وعند قعوده عن الطلب لا ضرورة فيعمل بالقياس ([1]).

ثانيًا: وأما عند المالكية ففي مختصر خليل وشرحة الشرح الكبير: أنه إذا بات الصيد ثم وجده من الغد ميتًا لم يؤكل لاحتمال موته بشيء من الهوام مثلاً قال محشيه [الدسوقي] الغد ليس بقيد وإن كان ظاهر المصنف بل المراد أنه خفي عليه مدة من الليل فيها طول بحيث يلتبس الحال ولا يدري هل مات من الجارح أو أعان على قتله شيء من الهوام التي تظهر فيه كالأفاعي، فلو رماه فغاب عنه يومًا كاملاً ثم وجده ميتًا يؤكل حيث لم يتراخ في اتباعه وهذا مفهوم قوله: «بات» والفرق بين الليل والنهار أن الصيد يمنع نفسه من الهوام في النهار دون الليل، فإذا غاب ليلاً احتمل مشاركة الهوام التي تظهر فيه لإصابة السهم بخلاف ما إذا غاب نهارًا فإنه لا يحتمل ذلك ([2]).


الشرح

([1])من بدائع الصنائع ببعض اختصار وتصرف يسير.

([2])الشرح الكبير بحاشية الدسوقي ص(105) ج (106) ج (2)، و انظر: بداية المجتهد ص(337) ج (1).