ثالثًا: وأما عند الشافعية فقد قال صاحب المهذب ([1]) «وإن عقره الكلب أو
السهم وغاب عنه ثم وجده ميتًا والعقر مما يجوز أن يموت منه ويجوز أن لا يموت منه
فقد قال الشافعي رحمه الله: لا يحل إلا أن يكون خبر فلا رأى فمن أصحابنا من قال
فيه قولان: أحدهما يحل لما روى عدي بن حاتم قال قلت يا رسول الله إني أرمي الصيد
فأطلبه فلا أجده إلا بعد ليله قال: «إِذَا
رَأَيْتَ سَهْمَكَ فِيهِ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ سَبُعٌ فَكُلْ» ([2]) ولأن الظاهر أنه
مات منه لأنه لم يعرف سبب سواه الثاني: أنه لا يحل لما روي زياد بن أبي مريم ([3]) قال: جَاء رَجُل
إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنِّي رَميت صَيدًا ثُمَّ تَغيب
فَوَجَدُته مَيتًا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هَوَامِّ الأَرْضِ كَثيِر» وَلَمْ يَأمره بِأكله وقد رجح النووي
الإباحة إذا لم يوجد فيه أثر آخر غير إصابه السهم أو الجارح ([4]) يتأول أدله النهي
على التنزيه ومن قال بالتحريم يتأول أحاديث الإباحة على ما إذا انتهي إلى حركة
المذبوح وهو تأويل ضعيف ([5]).
رابعًا: وأما عند الحنابلة: فالمشهور عن أحمد أنه إذا رمى صيدًا أو أرسل عليه كلبه فغاب عن عينة ثم وجده ميتًا وسهمة فيه أو معه كلبه ولا أثر به آخر حل أكله وعنه رواية أخرى بالتفصيل بين ما غاب نهارًا فلا بأس بأكله وما غاب ليلاً فلا يأكله كما سبق عن المالكية وعن أحمد