×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: «لاَ يَبْلُغُ العَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ»،

****

 قَالَ رحمه الله: «وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: «لاَ يَبْلُغُ العَبْدُ حَقِيْقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ»».

نَعَم «لاَ يَبْلُغُ العَبْدُ حَقِيْقَةَ التَّقْوَى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ»، هذَا كلامُ ابنِ عُمرَ، البَّخارِي رحمه الله يَسوقُ مِن أَقوَالِ صحَابةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.

«لاَ يَبْلُغُ العَبْدُ حَقِيْقَةَ التَّقْوَى»؛ أيْ: نِهَايَتُها وَكَمَالُها، «حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصدر»؛ أي: فِي صَدرِه مِن الشكُوكِ، وَالأَوهَامِ، وَسُوءِ الظّنِّ، وَيَعتَمدُ عَلَى اللهِ، وَيُحسِنُ الظنَّ بِاللهِ عز وجل، وَيُحسِن الظنَّ بِالمُؤمِنِين، وَيُحسِن الظنَّ بِوَعدِ اللهِ، وَألاَّ يكُونُ فِي صَدرِه شَكوكٌ، أَو أَوهَامٌ، أَو تَحسُّسٌ فِي دِينِه، إنَّما يكونُ مُتَيقّنًا حقَّ اليَقِينِ فِي عَقِيدَتِه، فِي دِينِه، فِيمَا بَينَه وَبَيْن اللهِ، فِيمَا بَينَه وَبَيْن إِخوَانِه المُسلِمِين، هَذَا هُو المُؤمِنُ.

أمَّا الّذِي عِندَه شكُوكٌ، أَو أَوهَامٌ، أَو سُوءُ ظَنٍّ، فهَذَا يُنقِصُ إِيمَانَه بِحَسَبِ مَا عِندَه.

الإِنسَانُ المُؤمِنُ لاَ يَندَفعُ مَع الشكُوكِ وَالأَوهَامِ، بَل يكونُ ثَابِتًا، فَإذَا جَاءَته خَاطِرةٌ سَيّئةٌ أَو وَهمٌ، رَفَضَه، وَتَرَكَه، وَلَم يَلتَفِتْ إلَيه، وَإلاَّ فَالإِنسَانُ بَشرٌ، تَأتِيهِ أَوهَامٌ، هَذَا الإِنسَانُ تَأتِيهِ شكُوكٌ، تَأتِيهِ وَسَاوِسُ مِن الشَّيطانِ، المُؤمِنُ يَرفُضُها وَيَترُكُها، وَلاَ يَتكلَّم بِهَا، هَذِه لاَ تَضرُّه، أمَّا إذَا اندَفَعَ مَعَها، وَتَفاعَلَ مَعَها، تَنقِصُ إيمَانَه، قَد تُخرِجُه مِن الإِيمَانِ في النِّهَايةِ، فَعَلَى المُسلِمِ أنْ يَكُونَ مُطمَئنُّ القَلبِ للهِ عز وجل وَاثِقًا بِرَبّه، وَاثِقًا بِإخوَانِه المسلِمِين، تَاركًا لِوَسَاوسِ الشَّيطانِ وهَوَاجسِ النَّفسِ.


الشرح