×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: «﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ  أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا»،

****

قَالَ رحمه الله: «وَقَالَ مُجَاهِدٌ رحمه الله: «﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ؛ أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا»».

قَالَ رحمه الله: «وَقَالَ مُجَاهِدٌ»؛ يَعنِي: مُجَاهدُ بنُ جَبرٍ، إمَامُ التَّابِعِين مِن تَلاَمِيذِ عَبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، لمَّا ذَكَرَ نَمُوذَجًا مِن أَقوَالِ الصَّحَابةِ رضي الله عنهم، انتَقَلَ إلَى ذِكرِ نَمُوذَجٍ مِن أَقوَالِ التَّابِعِين، مَاذَا قَالَ مُجَاهِد؟ قَالَ: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ؛ أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا.

كأنَّه يُشِيرُ إلَى قَولِه تَعَالَى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ [الشورى: 13]؛ شَرَعَ لَكمْ مِن الدِّينِ، اللهُ جل وعلا شَرَعَ لَكمْ - أيُّهَا المُسلِمُون - مِن الدِّينِ ﴿مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا [الشورى: 13]؛ نُوحٌ عليه السلام أوَّلُ الرُّسلِ، ﴿وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ [الشورى: 13]؛ خصَّ هؤُلاَءِ بِأنَّهم أُولُو العَزمِ، هَؤُلاَءِ هُم أُولُو العَزمِ الخَمسَةِ مِن الرُّسُلِ، ﴿فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ [الأحقاف: 35]، وهم أفضلُ الرُّسُلِ، ﴿وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مِيثَٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٖ وَإِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۖ [الأحزاب: 7]، خصَّ هؤلاَءِ؛ لأنَّهم أولُو العَزمِ مِن الرسُلِ، اللهُ شرَّع لنَا دِينَ هؤُلاَءِ، فعَقِيدةُ الرُّسُلِ وَاحِدةٌ، وَهِي التَّوحِيدُ؛ عبَادةُ اللهِ وَحدَه لاَ شَرِيكَ لَه، هَذِه عَقِيدةٌ وَاحدَةٌ، لاَ تَختَلفُ بِاختِلافِ الرُّسلِ، كلُّهم يَدعُونَ إلَيهَا؛ دَعوةٌ إلَى التَّوحِيدِ، وَالنَّهيُ عَن الشِّركِ، هَذَا دِينُ الرُّسلِ


الشرح