×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «﴿شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ سَبِيلاً وَسُنَّةً».

****

 جَمِيعًا، أمَّا الشَّرائِعُ، فَهِي تَختَلفُ حَسَبَ حَاجةِ النّاسِ فِي كلِّ وَقتٍ: ﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ [المائدة: 48]؛ الشَّرائِعُ - الّتِي هِي الأَوامِرُ، والنَّواهِي، والحَلالُ، والحرَامُ - هَذِه تَختَلفُ بِاختِلافِ حَاجةِ الأمَمِ، إذَا انتَهَت شَرِيعةٌ، جَاءَت شَريعَةٌ أخرَى تَنسَخُها، حتَّى خُتِمَت الشَّرائِعُ بِشَرِيعةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَلَم تُنسَخْ إلَى أنْ تَقُومَ السَّاعةُ.

فأمَّا فِي العَقِيدةِ، فَالرّسلُ كلُّهم عَقِيدَتُهم وَاحِدةٌ، وَهِي التَّوحِيدُ، أَرَادُوا اللهَ تعالى بِالعبَادةِ وتَركِ عِبَادةِ مَا سِواهُ، هَذَا هُو الّذِي شَرَّعهُ اللهُ لِلرّسُلِ جَمِيعًا: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ [الأنبياء: 25]، وخُصَّ هؤلاَءِ الخَمسَةُ: نُوحٌ، وإبرَاهِيمُ، ومُوسَى، وَعِيسَى، ومُحَمّدٌ - عليهم الصلاة والسلام-، هَؤلاَءِ هُم خَوَاصُّ الرُّسلِ، وَاللهُ شرَّع لنَا مَا شَرَّع لَهم فِي التَّوحِيدِ والعبَادَةِ، الشَّاهِد مِن هذَا: أنَّ الإِيمَانَ هُو دِينُ هَؤلاَءِ الرسُلِ.

قَالَ رحمه الله: «وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «﴿شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ: سَبِيلاً وَسُنَّةً»»، نَعَم، ﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ [المائدة: 48]؛ هَذَا فِي الأَوامِرِ، والنَّواهِي، وَالأَحكَامِ، وَمَا يَحتَاجُه النّاسُ فِي مُعاملاتِهم، وفِي اختِلافِهم، وَفِي...، هَذِه شَرَائعُ تَختَلفُ بِاختِلافِ الأمَمِ، وَاللهُ يُشرّعُ لِكلِّ أمّةٍ مَا يُنَاسِبها فِي وَقتِها، ثمَّ يَنسَخُها بِشَرِيعةِ نَبِيٍّ آخَر، إلَى أنْ جَاءَت شَرِيعةُ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فخَتَمَت الشرَائِعُ، استَقَرَّت إلَى يَومِ القِيَامَةِ، فهَذِه هِي الشَّريعَةُ والمِنهَاجُ، الّتِي تَختَلفُ بِاختِلافِ الأَحوَالِ.


الشرح