وَقَوْلُهُ - جَلَّ ذِكْرُهُ-: ﴿فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا﴾ [آل عمران: 173]،
****
المنَافِقونَ.
﴿فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا
إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ﴾
[التوبة: 125]، نَسأَلُ اللهَ العَافِيةَ.
فالشَّاهِد
فيِ قَولِه: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَزَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا﴾ [التوبة: 124]، فدلَّ عَلَى أنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ
مَعَ نُزُولِ القُرآنِ، وَمَع سَمَاعِ القُرآنِ.
قَالَ
رحمه الله: «وقَوْلُهُ -
جَلَّ ذِكرُه-: ﴿فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا﴾
[آل عمران: 173] »، ﴿ٱلَّذِينَ
قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ
فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ [آل عمران: 173]، هَذِه الآيَةُ نَزَلَت بَعدَ غَزوَةِ
أُحُدٍ لَمَّا فَرَغَ الكفّارُ، وَقَد فَعَلُوا بِالمُسلِمِين مَا فعَلوا مِن
القتل، لما انصرفوا، ورجع المسلمون إلى المدينة بمَا فِيهِم الجرحَى والقتلَى،
تَلاوَمَ الكفار فيما بَينَهم، وقَالوا: لَو استكمَلناهُم وَلاَ تركنَا مِنهُم
أحَدًا، فَهَمُّوا بِالرجوع عَلَى المسلِمِين؛ لِيَقتُلوا بَقِيّتهم - بزعمهم-،
فَلمَّا بَلَغَ ذَلِك رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم والمُسلِمِين، قَالُوا
هَذِه المَقَالةَ، فَلمَّا بَلَغَتهُم هَذِه المَقَالةَ، ازدَادَ إِيمَانُهم
بِاللهِ، وَثِقتُهم بِاللهِ.
﴿فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا﴾ [آل عمران: 173]، ما تَضَعضَعُوا
أو خَافُوا من الكفار؛ لأنَّهم وَاثِقون بِاللهِ سبحانه وتعالى، رَغمَ مَا أصابَهم
مِن المصِيبَة، لكنَّ إيمانَهم لَم يَتَضَعضَعْ، وَثِقتَهم بِِاللهِ لم تَنقصْ.
﴿إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ
فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا﴾
[آل عمران: 173]، زَادَهم هَذَا إيمَانًا، بِخلافِ المنَافِقِين؛ فَإنّهم إذَا
بَلَغَهم الخَوفُ، زَادَ شَرُّهم ونِفَاقُهم، ﴿وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ﴾
[آل عمران: 173]؛ أي: اللهُ يَكفِينَا شرَّهم.﴿حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ﴾ [آل عمران: 173]: فوَّضنَا أَمرَنَا إلَى اللهِ.