×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

 وَمِن خِصَالِه وشُعَبِه هَذِه الخَصلَةُ العَظِيمةُ الحبُّ فِي اللهِ؛ أنْ تُحِبّ إخوَانَك المُؤمِنِين فِي اللهِ، لاَ مِن أَجلِ المَالِ، أَو مِن أَجلِ طَمعٍ، أَو مِن أَجلِ قَرَابةٍ أَو نَسبٍ، إنَّما تُحبُّهم فِي اللهِ، هَذِه مَحبَّة الإيمَانِ.

وكَذَلِك تُبغِضُ الكفَّارَ، تُبغِضُ أعدَاءَ اللهِ؛ لأنَّ اللهَ يُبغِضُهم، تَكرَهُهُم؛ لأنَّ اللهَ يَكرَهُهُم، هَل تَكرَهُهُم مِن أَجلِ أنَّهم لَم يُعطُوكَ مَالاً، أو تَكرَهُهم لأنَّهم ضرُّوك فِي دُنيَاكَ؟

لاَ، بَل تَكرَهُهم فِي اللهِ، مِن أَجلِ اللهِ سبحانه وتعالى؛ لأنَّهم أعدَاءُ اللهِ: ﴿لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ يُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ جِهَٰدٗا فِي سَبِيلِي وَٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِيۚ تُسِرُّونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَأَنَا۠ أَعۡلَمُ بِمَآ أَخۡفَيۡتُمۡ وَمَآ أَعۡلَنتُمۡۚ وَمَن يَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ [الممتحنة: 1]. فَمَن أحبَّ الكفّارَ، فَقَد ضَلَّ سوَاءَ السَّبيلِ، ومَن أَبغَضَ الكفّارَ للهِ، لَيسَ مِن أَجلِ الدّنيَا، بَل أَبغَضَهم للهِ؛ لأنَّ اللهَ يُبغِضُهم، يُعادِيهِم؛ لأنَّ اللهَ عَدُوُّهم، ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوّٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ [البقرة: 98]، مِن أَجلِ اللهِ سبحانه وتعالى، هذَا هُو المُؤمِنُ.

فدلَّ هَذَا عَلَى أنَّ الحبَّ فِي اللهِ وَالبُغضَ فِي اللهِ مِن أَوثَقِ عُرَى الإِيمَانِ، خَصلَةٌ عَظِيمةٌ مِن خِصَالِ الإِيمَانِ، فَالّذِي لاَ يُحِبّ المُؤمِنِين، وَلاَ يَكرَهُ الكَافِرِين، هذَا لَيسَ بِمُؤمنٍ، لَيسَ فِي قَلبِه إِيمَانٌ، نَعَم، إمَّا أنّه لَيْسَ فِي قَلبِه إيمَانٌ أَصلاً، وإمَّا أنَّ فِيهِ إِيمَانٌ نَاقِصٌ نَقصٌ عَظيمٌ.

فَعَلى المُسلِمِ أنْ يَتنبَّه لِهَذا؛ فَلاَ يُحِبّ إلاَّ فِي اللهِ -المحَبّةُ الدِّينِيةُ-، ولاَ يُبغِضُ إلاَّ فِي اللهِ عز وجل، لاَ يُبغِضُ أحدًا مِن أَجلِ قَطِيعةٍ، أَو مِن أَجلِ 


الشرح