الإِنسَانُ أنَانِيًّا، لاَ يُحبُّ إلاَّ
لِنَفسِه، وَلاَ يُرِيدُ الخَيرَ إلاَّ لِنَفسِهِ، هَذِه يُسمُّونَها الأنَانِيّةَ،
وهِي مَمقُوتَةٌ، فيَجِبُ أنْ يَكُونَ الإِنسَانُ مَعَ إِخوَانِه يُقِيسُهُم عَلَى
نَفسِه، وَيُعامِلُهم كَمَا يُعامِلُ نَفسَه، ويَرضَى لَهُم مَا يَرضَاهُ
لِنَفسِه، وَيَكرَهُ لَهُم مَا يَكرَهُهُ لِنَفسِه.
خُذْ
مَثلاً: أَنتَ لاَ تُحِبُّ أنَّ أَحَدًا يَغتَابُكَ، أَو
يَستَهزِئُ بِكَ، أَو يَسخَرُ مِنكَ، هَذَا لاَ تُحِبُّه لِنَفسِكَ، فَلاَ تُحبُّه
لأَخِيكَ، لاَ تَغتَبْ إِخوَانَك، لاَ تَسُبُّهم، لاَ تَستَهزِئُ بِهِم، لاَ
تَتنَقِصُهُم؛ كَمَا أنَّك لاَ تَرضَى هَذَا لِنَفسِكَ، فَإنَّكَ لاَ تَرضَاهُ لإِخوَانِكَ؛
لأنَّ هَذا شَرٌّ.
كَمَا
أنَّك تُحِبُّ الثّناءََ لِنَفسِك، والمَدحَ لِنَفسِكَ، كَذَلكَ تَمدَحُ أَخَاكَ،
تُثْنِي عَلَيه بِمَا هُو أَهلُهُ، لَيْسَ بِالكَذِبِ بِمَا هُو أَهلُه.
لاَ
تُحِبُّ الذّمَّ لِنَفسِكَ، فَلا تَذُمَّ إِخوَانَكَ، وَلاَ تَرضَاهُ لإِخوَانِكَ.
ولاَ يَكفِي هَذَا، بَل تُدَافِعُ عَن إِخوَانِكَ، إذَا تَنقَّصَهُم أحَدٌ، أًو اغتَابَهُم أحَدٌ، أو استَهزَأَ بِهِم، فَإنَّكَ ترُدُّ ذًَلِكَ، إذَا أرَادَهم أحَدٌ بِسُوءٍ بِظُلمٍ، تُدافِعُ عَنهُم؛ كمَا تُدافِعُ عَن نَفسِكَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يُسْلِمُهُ» ([1])؛ يَعنِي: لاَ يَترُكُه يُهَانُ، أَو يُظلَمُ، وهُو يَقدِرُ عَلى نُصرَتِه، يَدفَعُ عَنهُ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تَحْجِزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ» ([2])، تَمنع أخَاكَ مِن
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2564).