×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

هُو - سبحَانَه - لَم يَعبْ عَلَينا مَحبّةَ هذِه الأَشيَاءَ الثَّمَانِيةَ، لَكنَّه عَابَ عَلَينَا إذَا قَدَّمنَاهَا عَلَى مَحبَّةِ اللهِ، تَأخَّرنَا عَن الجِهَادِ فِي سَبيلِ اللهِ، تَأخَّرنَا عَن الهِجرَةِ إلَى بِلادِ الإِسلاَمِ؛ مَحبَّةً لهذِه الأَشيَاءِ، فإنَّ هَذَا دَليلٌ علَى نَقصِ الإِيمَانِ، وَمعرَّضٌ صَاحِبًُه لِلوَعِيدِ: ﴿فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ.

المُهَاجِرون تَرَكُوا أَموَالَهم وَأَولاَدَهُم وَأوطَانَهم، وَهاجَرُوا فِي سَبيلِ اللهِ، انتَقلُوا إلَى بِلادٍ غَيرِ بِلادِهم الّتِي نَشؤُوا فِيهَا، ويُحبُّونَها حبًّا طَبِيعيًّا، تَركُوا أَموَالَهم: ﴿وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا، تَركُوهَا، وَهَاجَرُوا إلَى اللهِ وَرَسُولِه، هَذَا دليلٌ عَلَى كمَالِ إِيمَانِهم: ﴿ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ [الحشر: 8]، جَاهدُوا فِي سَبيلِ اللهِ، دَخَلُوا المَعرَكةَ، وَفِيهَا ضَربٌ وجِرَاحٌ وَقَتلٌ، دَخَلُوا فِيهَا، هُم يُحبّونَ الحيَاةَ، لَيسَ هنَاكَ شَكٌّ أنّه لاَ أحدَ إلاَّ ويُحبُّ الحيَاةَ، لَكنَّ الحيَاةَ رَخُصَت عَلَيهِم فِي مقَابلِ رِضَا اللهِ سبحانه وتعالى، فهَذَا دَليلٌ علَى محبّةِ اللهِ سبحانه وتعالى، فهَذَا دَليلٌ علَى صِدقِ كمَالِ المحبّةِ للهِ؛ أنْ تُؤثِرَ مَا يُحبهُ اللهُ علَى مَا تُحبُّه نَفسُك، أمَّا إذَا عَكَستَ؛ فَضَلَّت ففَضَّلتَ مَا تُحبُّه نَفسُك عَلَى مَا يُحبُّهُ اللهُ، فَهَذا دَليلٌ عَلَى نَقصِ الإِيمَانِ.

«ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ»، انظُر: تَتلَذَّذُ بِهَذه الأَشيَاءِ؛ «وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ»؛ يَعنِي: تَلذُّذٌ بِالطاعَاتِ.

«أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا»؛ مِمَّا سِوَاهُما مِن


الشرح