فقَبل إسلاَم الأَنصَارِ رضي الله عنهم
ومبَايَعَتِهم لِلرَّسُولِِ صلى الله عليه وسلم، والإِسلاَمُ فِي ضِيقٍ مِن
أَعدَائِه، فَلمَّا بَايَعُوا الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم بَيعَةَ العَقَبةِ،
وانتَقَلَ المسلِمُون إِلَيهِم، صَارَ لِلمسلِمِين قوَّةٌ، صَارَ لَهُم هَيبةٌ،
فهَذَا مِن فَضلِ الأَنصَارِ رضي الله عنهم، نَعرِفُ لَهُم فَضْلاً.
وَلِهذَا
قَالَ البُخَارِي رحمه الله: «بَابٌ:
عَلاَمَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ»؛ لِقَولِ الرَّسُولِ صلى الله عليه
وسلم فِي ذَلِك الحَدِيثَ الذِي يَسُوقُه المُصنِّفُ.
قَالَ
صلى الله عليه وسلم: «آيَةُ الإِيمَانِ
حُبُّ الأَنْصَارِ»، الآيَةُ هِي العَلاَمةُ ([1])،
فَعَلامَةُ الإِيمَانِ: حُبُّ الأَنْصَارِ.
إذَا
رَأيْتَ الرّجلَ يُحِبّ الأَنصَارَ رضي الله عنهم، فَاعلَمْ أنّه مُؤمِنٌ،
وَعَلامَةُ النّفَاقِ: «وَآيَةُ
النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ»، فَإذَا رَأيتَ مَن يَتكلّمُ فِي الأَنصَارِ
رضي الله عنهم، أَو فِي أَحدٍ مِنهُم، فَاعلَم أنّه مُنَافِقٌ، يُظهِرُ
الإِسلاَمَ، ويُبطِنُ الكفْرَ والإِلحَادَ - والعِيَاذُ بِاللهِ ـ.
قَالَ صلى الله عليه وسلم: «وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ»، والبُخَارِي رحمه الله يُرِيدُ مِن هذَا الاستِدلاَلَ عَلَى أنَّ الأَعمَالَ مِن الإِيمَانِ، فَالمحبّةُ عمَلٌ قَلبِيٌّ، وقَد عَدَّها النّبيُّ صلى الله عليه وسلم مِن الإِيمَانِ.
([1]) انظر: الصحاح (6/ 2275)، ومقاييس اللغة (1/ 168)، ولسان العرب (14/63)، وتاج العروس (37/ 122).