×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

يَزۡنِينَ وَلَا يَقۡتُلۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ وَلَا يَأۡتِينَ بِبُهۡتَٰنٖ يَفۡتَرِينَهُۥ بَيۡنَ أَيۡدِيهِنَّ وَأَرۡجُلِهِنَّ وَلَا يَعۡصِينَكَ فِي مَعۡرُوفٖ فَبَايِعۡهُنَّ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُنَّ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمَٞ [الممتحنة: 12].

هَذِه البَيعَةُ لهَا بُنُودٌ، وَهِي بَيعَةُ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم لِلأَنصَارِ رضي الله عنهم عِندَ العقَبَةِ؛ لأنّه لَم يَكنْ وَقتَها جِهَادٌ فِي سَبيلِ اللهِ، الجِهَادُ إنّما فُرِضَ فِيمَا بَعدُ.

وَبَدَأ أوّلاً: بِألاَّ يُشرِكُوا بِاللهِ شَيئًا، بَدَأَ بِالعَقِيدةِ - وَهِي: عِبَادةُ اللهِ وَحدَه، وَتَركُ عِبَادةِ مَا سِوَاهُ-؛ لأنَّهَا الأَساسُ.

وثَانيًا: ألاَّ يَسرِقُوا، وَالسَّرقَةُ هِي أَخذُ المَالِ عَلَى وَجهِ الخِفيَةِ مِن الحِلِّ، وَمِن المَأمَنِ.

والسَّارقُ مَلعُونٌ فِي الحَدِيثِ: «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ» ([1])، والسَّرِقةُ كَبِيرةٌ مِن كبَائِرِ الذنُوبِ، بَعدَ الشِّركِ، ثمَّ بَعدَه بَقِيةُ الكبَائرِ.

ثَالِثًا: «وَلاَ تَزْنُوا»، وَالزِّنَى - والعِياذُ بِاللهِ - أيْضًا مِن أَعظَمِ الكبَائِرِ، وهُو مُضَيّعٌ لِلأَنسَابِ، وجَالبٌ لِلأمرَاضِ، وَفِيه آفَاتٌ كثِيرةٌ: ﴿وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا [الإسراء: 32].

رَابِعًا: «وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ» أَيضًا؛ لأَنَّهم فِي الجَاهِليّةِ كَانُوا يَقتلُونَ الأَولاَدَ، البَنَاتُ يَقتُلونَهُنّ خشيَةَ العَارِ، وَالأَولاَدُ الذّكورُ يَقتلُونَهُم خَشيَةَ الفَقرِ: ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖۖ [الإسراء: 31]؛ فَقر.

وَبَعضُهم يَقتلهُم لِلأَصنَامِ، يَتقرَّبُ بِهِم إلَى الأَصنَامِ بِقتلِهم: ﴿وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ قَتۡلَ أَوۡلَٰدِهِمۡ شُرَكَآؤُهُمۡ [الأنعام: 137]، يَتقرَّبُون بِقَتلِ أَولادِهم لِلأصنَامِ، بَلَغَ بِهم الحدُّ إلَى هَذِه الجَرِيمةِ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6783)، ومسلم رقم (1687).