حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ،
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَيُونُسُ، عَنِ الحَسَنِ،
عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: ذَهَبْتُ لأَِنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ،
فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ، فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا
الرَّجُلَ، قَالَ: ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
يَقُولُ: «إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا، فَالقَاتِلُ
وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا القَاتِلُ،
فَمَا بَالُ المَقْتُولِ؟ قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ»
([1]).
****
أما إذا جاء نكرة «كُفَّارًا»، وقَالَ: «سِبَابُ
المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» ([2])
كفرٌ أَكبَرُ؟ لاَ، كُفرٌ أَصغَرُ؛ لأِنَّه نَكِرَةٌ «كُفْرٌ»، فهُنَاكَ فَرقٌ بَيْن هَذَا وَهَذَا.
فدلَّ
عَلَى أنَّ الاقْتِتَال وَالقَتلَ فِي الإِسلاَمِ، وَإنْ كَانَ مُحرَّمًا
وَكَبِيرةً مِن كبَائِرِ الذّنُوبِ؛ أنّه لاَ يُخرِجُ مِن المِلّةِ، وَفِي هَذَا
رَدٌّ عَلَى الخَوَارِجِ.
وَهَذا
الحَدِيثُ فِيهِ أنَّ الأَحنَفَ بنَ قَيْسٍ رحمه الله سَيِّدُ بَنِي تَمِيمٍ،
رَئِيسُ بَنِي تَمِيمٍ، وَكَانَ أَدرَكَ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم، وَرَآَه،
لَكِنْ قَبلَ أنْ يُسلِمَ، إنَّمَا أَسلَمَ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ صلى الله
عليه وسلم؛ فَلِذَلِك يُعَدُّ مِن التَّابِعِين، يُعَدُّ الأَحنَفُ بنُ قَيْسٍ مِن
التَّابِعِين، وَكَانَ مَشهُورًا بِالحِلمِ، حتَّى يُضرَبَ بِه المَثلُ فِي
الحِلمِ والأَنَاةِ، فَكَانَ مَشهُورًا بِهَذَا رحمه الله.
قَالَ: «أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ»، الأَحنَفُ بنُ قَيسٍ خَرَجَ مُستَعِدًّا لِلقِتَالِ مَعَ مَن؟ معَ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالبٍ رضي الله عنه، لمَّا حَصَلَت الفِتنَةُ بَعدَ مَقتَلِ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (31)، ومسلم رقم (2888).