×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

وَلاَ مَشقَّةٌ - وَللهِ الحَمدُ-، الزَّكاةُ رُبعُ العُشرِ مِن المَالِ، وَلَيْسَ فِيهَا مَشقَّةٌ وَلا إِجحَافٌ، الصِّيَامُ شَهرٌ مِن السَّنَةِ أَحدَ عَشَرَ شَهرًا وَأَنتَ مُفطِرٌ، وَتَصُومُ شَهرًا وَاحِدًا، الحَجُّ مَرّةً وَاحِدةً فِي العُمرِ، عَلَى مَن؟ عَلَى المُستَطِيعِ، هَذَا هُو اليُسرُ، مَا أَقُول: يُسْر أَنَّك تَترُك أوَامِرَ الدّينِ، وَتَستَرِيح فِي جَانبٍ، تَفعَلُ مَا تشَاءُ مِن المُحرَّمَاتِ، تَقُول: الدِّينُ يُسرٌ!!

«وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إلاَّ غَلَبَهُ»، مَا أَحدٌ يَستَطِيعُ أنْ يُحصِي كلَّ مَا أَمَرَ اللهُ بِه، وَيَقُومُ بِه، مَا يَستَطِيعُ هذَا أَحدٌ، لَو تُصَلِّي الّليلَ والنَّهَارَ، مَا استَطَعتَ أنْ تُحصِي هَذَا الدِّينَ، لَكنْ تَأتِي مِنهُ مَا تَستَطِيعُ.

قَالَ اللهُ جل وعلا: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ [التغابن: 16]، قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ [البقرة: 286]، فَإذَا أَتَيتَ بِمَا تَستَطِيعُ، فَهَذا هُو الدِّينُ، وهَذَا هُو السَّمَاحَةُ فِي الإِسلاَمِ، وأمَّا أَنَّك تُرِيدُ تَفعَلُ الدِّينَ كلَّه، مَا تَستَطِيعُ هذَا؛ الدِّينُ كَثِيرٌ.

«وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إلاَّ غَلَبَهُ»، إذَا أَردْتَ أنْ تُحصِي الدِّينَ، وَتَقومَ بِه كلَّه، الدِّينُ يَغلِبُك، تَعجَزُ عَنه، وَتَنقَطِعُ؛ لأِنَّ هذَا مُلاحَظٌ أنَّ المُتَشدِّدِين الّذِين يُشَدِّدون عَلَى أَنفُسِهم يَنقَطِعُون، وَيَترُكُونَ العمَلَ.

فإذَا اتبَعت الأَسهَلَ، فَالأَسهَلُ هَذَا يُعِينُك علَى الاستِمرَارِ، إذَا تَوَسّطتَ بَيْن الكَسلِ وَبَيْن الشِّدّةِ، هَذَا يُعِينُكَ عَلَى الاستِمرَارِ فِي الطّاعَةِ، أمَّا إذَا تَشَدَّدْت، فَإنَّك تَمَلُّ، وَتَترُكُ العمَلَ.


الشرح