×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

صلِّ كلَّ الّليلِ بَعضَ الّليَالِي، الّليْلَةُ الثَّانِيةُ مَا تَستَطِيعُ أنْ تَنَامَ، تَعجَزُ، لَكنْ إذَا قُمتَ مِن كلِّ لَيلَةٍ مَا تَيَسَّر، سَهُلَ عَلَيكَ هَذَا، وَاستَمرَرْتَ عَلَيه.

الصيَامُ تُرِيدُ أنْ تَصُومَ كلَّ السَّنةِ، مَا تُفطِرُ أَبَدًا، تَعجَزُ، لَو صُمتَ أَوّلَ سَنةٍ، تَعجَزُ فِي السَّنةِ الثَّانِيةِ، فَصُمْ حَسَبَ استِطَاعَتِك: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ [البقرة: 286]، إنْ استَطَعْتَ رَمَضَانَ تَصُومُه أَدَاءً، تَصُومُ، وَإلاَّ إذَا صِرتَ مَعذُورًا، تُفطِرُ، وَتَقضِي ﴿مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ [البقرة: 185].

تقُومُ مِن الّليلِ مَا تَيَسَّر، وَلاَ تَقُم الّليلَ كلَّه، بَل تَنامُ، تَرتَاحُ، وَتَقُومُ مَا تَيسَّر مِن الّليلِ: ﴿فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنۡهُۚ [المزمل: 20]، فهَذَا الدِّينُ - وللهِ الحَمدُ - يُسْرٌ.

«وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ»، ترِيدُ أنْ تَتَغلَّبَ عَلَيه، أَنتَ لَو تُرِيدُ أنْ تُحصِيَه مَا تَقدِرُ، وَلِهَذا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «اسْتَقِيمُوا، وَلَنْ تُحْصُوا» ([1]).

فَعَلَيكَ أنْ تَفعَلَ مَا تَستَطِيعُ، وَتُدَاوِمُ عَلَيهِ، أَفضَلُ مِن أَن تُنهِكَ نَفسَكَ، ثمَّ تَنقَطِعَ؛ فَتَترُكَ العمَلَ فِي النِّهَايَةِ.

ومَا رَأَينَا أَحدًا تَشَدَّد، إلاَّ وَتَرَك العمَلَ، وَانتَكَسَ، هُنَاك أنَاسٌ تَشدَّدُوا، الآنَ صَارُوا مَعَ الفُسَّاقِ، تَحَلَّلُوا مِن الدِّينِ؛ عقُوبةً لَهُم - وَالعِيَاذُ بِاللهِ-.

فَالوَسَطِيّةُ فِي الدِّينِ هِي الخَيرُ؛ بَيْن الغَالِي وَبَيْنَ الجَافِي، هَذَا هُو دِينُ الإِسلاَمِ، الفَرَائِضُ لاَ تُترَكُ، بَل تُؤدَّى، أمَّا النَّوَافِلُ، فَتَأتِي مِنهَا


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (277)، والدارمي رقم (681)، وأحمد رقم (22378).