×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

صَحِيحٌ وَلا غَيرُ صَحِيحٍ؟، وَلِمَاذَا؟ لمَّا بَلَغَهم الخَبرُ، وَوَثِقُوا مِن المُخبِرِ، اسْتَدَارُوا وَهُم فِي الصَّلاةِ؛ امتِثَالاً لأِمرِ اللهِ سبحانه وتعالى، وهَكذَا المُؤمِنُ، نَعَم، استَدَارُوا وهُم فِي الصَّلاةِ، أَوَّلُها إلَى بَيتِ المَقدِسِ، وَآخِرُها إلَى مَكّةَ، وكُلُّها صَحِيحَةٌ - والحَمدُ للهِ-، لَكنَّ العِبْرَةَ بِاستِسلاَمِهِم عَلَى طول ومباشرة، وَانصِرَافِهم فِي الصّلاةِ مِن كمَالِ إِيمَانِهم رضي الله عنهم وَانقِيَادِهم.

قَالَ رضي الله عنه: «وَكَانَتِ اليَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ، إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَأَهْلُ الكِتَابِ»؛ لأِنّه قَبلَتُهم، لأِنَّ بَيتَ المَقدِسِ قِبلَتُهم، وَكَانُوا يُحِبّونَ وَيَعجَبُونَ مِن أنَّ الرَّسُولَ وَافَقَهُم عَلَى ذَلِك؛ لأِنَّهم أَصحَابُ أَهوَاءٍ.

قَالَ رضي الله عنه: «إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَأَهْلُ الكِتَابِ»، أَهلُ الكِتَابِ عمُومًا يَعنِي: اليَهودُ وغَيرُهم، لَكنَّ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لأِنَّ النَّصَارَى لاَ يَستَقبِلُونَ بَيتَ المَقدِسِ، يَستَقبِلُون المَشرِقَ، يُصلُّونَ إلَى المَشرِقِ، رُبَّمَا أنَّهم كَانُوا فِي الأَوَّلِ يُصَلّون إلَى بَيتِ المَقدِسِ؛ لأِنَّ استِقبَالَهم لِلمَشرِقِ هَذَا مِن التَّغيِير الّذِي غَيَّروا بِه دِينَهم؛ لأِنَّهم جَاءَهم رَجلٌ يَهُودِيٌّ ادَّعَى الإِيمَانَ بِالمَسِيحِ؛ لِيَقلِبَ النَّصرَانِيةَ، ويُغَيّرها، وَمِن جُملَةِ مَا غَيَّرَ القِبلَةَ، جَعَلَهم يُصَلُّون إلَى بَيتِ المَقدِسِ؛ لأِنّه مَشرِقُ الأَنوَارِ - كمَا يَقُولُونَ-، مَطلِعُ الشَّمسِ، إلَى آخِرِه.


الشرح