وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَدْرَكْتُ
ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كُلُّهُمْ يَخَافُ
النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ
جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ،
****
أَحَدًا»، فَلاَ
يُزكِّي نَفسَه، هَذَا مِن كمَالِ إِيمَانِه؛ أنَّه يَخافُ عَلَى دِينِه، وَيَخافُ
عَلَى عَمَلِه أنْ يُحبَطَ، وهُو لاَ يَدرِي: ﴿أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ﴾ [الحجرات: 2]، قَد يُحبَطُ عمَلُ الإِنسَانِ وهُو لاَ
يَدرِي، هَذَا خَطرٌ عَظِيمٌ، فَيَجبُ عَلَى المُسلِمِ أنْ يَخَافُ مِنهُ غَايَةَ
الخَوفِ.
قَولُه
رحمه الله: «وَقَالَ ابْنُ
أَبِي مُلَيْكَةَ: «أَدْرَكْتُ ثَلاَثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم، كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ
يَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ»»، لاَ أَحَدَ
مِنهُم يَمدَحُ نَفسَه، وَيقُول: أنَا كَامِل الإِيمَانِ مِثلَ إِيمَانِ جِبْرِيلَ
ومِيكَائِيلَ سَادَةِ المَلاَئِكةِ. لاَ يَقُولُ هَذَا، بَل يَعتَبِر نَفسَه
مُقصِّرًا فِي جَنبِ اللهِ عز وجل، ويَستَقِلُّ عَملَه، وَلاَ يَستَكثِرُه، وَلاَ
يَدرِي هَل تُقُبِّلَ مِنهُ، أَو لَم يُتقبَّلْ مِنه؛ يَخافُونَ عَلَى أَنفُسَهم.
قَالَ تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ﴾ [المؤمنون: 60]، قَالَت عِائِشةُ رضي الله عنها سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿وَٱلَّذِينَ يُؤۡتُونَ مَآ ءَاتَواْ وَّقُلُوبُهُمۡ وَجِلَةٌ أَنَّهُمۡ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ رَٰجِعُونَ﴾ [المؤمنون: 60] قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: «لاَ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لاَ تُقْبَلَ مِنْهُمْ» ([1]).
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3175)، وابن ماجه رقم (4198)